وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
شهد ظهور الحركة الصهيونية المشؤومة واحتلال الأراضي الفلسطينية
۱۳۹۷/۱۱/۰۲ ۱۳:۳۱ 1376

شهد ظهور الحركة الصهيونية المشؤومة واحتلال الأراضي الفلسطينية

 

 

شهد  ظهور الحركة الصهيونية المشؤومة واحتلال الأراضي الفلسطينية

 

كوثر شاهين

 

بسم الله الرحمن الرحيم

  (أوليس الله بأحكم الحاكمين )

1- يقول سبحانه وتعالى (وضربت عليهم الذُلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون) ([1]).

 وقال سبحانه: (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا) ([2]).

 2- صوتٌ ملأ البرية واخترق حجب السماء.. رعدٌ هو وهمس وصاعقة كالنسيم (القدس قدس المسلمين ويجب أن تعود إليهم).. وارتج العالم واصطفقت القلوب وأبلجت الشفاه.. صوت الخميني العظيم تتناقله همسات الرياح وتحمله أمواج الغيم وآذي البحار.. سلام عليك أيها الراحل الباقي.. في كلماتك نفحة من نفحات الرسل وقوة قلتها.. من نهضة عاشوراء الحسين(عليه السلام): (إن يوم القدس ليس يوم فلسطين فحسب، بل هو يوم إحياء الاسلام) لتصبح القدس أمانة في عنق كل مسلم ومسلمة ولتغدو أهم القضايا الإسلامية لتخليصها من الأسر وتحريرها من براثن الصهيونية الغاصبة فالمسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين والأشاوس المجاهدون هم الذين يزيلون بؤرة الفساد ويحمون قدس الأقداس وينسفون خطط التهويد والصهيّنة.

لقد حرك الإمام الراحل (رضوان الله عليه) كلمة القدس كي تتعشق القلوب وتوقظ الضمائر وتبقى الوهج الدائم الدائب الصارخ لتحرير أسيرة الإسلام وليغدو يوم القدس يوم المستضعفين الصارخين في وجه الطغاة يوم إحياء الإسلام فيقول (قدس): (في يوم القدس أزيلوا عار تسلط الصهيونية وأمريكا).. وينادي كالصوت القادم من أربع جهات الأرض (إننا نريد اجتثاث جذور الصهيونية الفاسدة والرأسمالية والشيوعية من العالم). ويذهب الصوت والصدى مندفعين (لقد اغتصبت اسرائيل حقوق العرب وسوف نقف ضدها) زلزال ذاك وغضب الحق في وجه الباطل. (إن الحلم المجنون لإسرائيل الكبرى يدفع هؤلاء الصهاينة لارتكاب أية جريمة) وتنهض الكلمات مشرعة الأحاسيس نابضة القيم متلهفة الوقوع في كل مجال ومجمع يدفع بها سيد من أعماق الألم ينهرها لتعلن (إن الكيان الإسرائيلي الغاصب مع ما يطمح إليه من أهداف يمثل خطراً عظيماً على الاسلام وبلاد المسلمين، وتتلقف نبرات صوته آذان القلوب وخفقات الصدور.. أيها السيد الموسوي الخميني.. أيها القادم هدياً الناطق وحياً من كربلاء الحسين(عليه السلام)تعمق في الشرايين والاوردة مغذياً الروح بسطور حروفك قل سيدي ماقلت (لقد زرعت جرثومة الفساد (إسرائيل) في قلب العالم الإسلامي بدعم من الدول الكبرى وصارت جذور فسادها تطال الدول الإسلامية تدريجياً لذا وجب اقتلاع جذورها بهمة الدول الإسلامية والشعوب الإسلامية الكبيرة). إنه الحق سيدي وطريق الخلاص.. وهاهو قولك المرشد للعقول كالشمس به الهدى من لجج الظلام (إن اسرائيل تعتبر بنظر الإسلام والمسلمين وكل الموازين الدولية غاصبة ومعتدية ونحن نرى أن من غير الجائز التهاون والتساهل في الوقوف بوجه اعتداءاتها). تلك هي إشارات الخلاص وسبل النجاة والرسالة التي نهض بها رسول من رسل الحقوالسلام حملها أمراً بمعروف ونهياً عن منكر ورثها عن آبائه الأطهار الأخيار ليحملها لسيد آخر. ينهض بها قوياً.. رسالة من الخميني العظيم (قدس سره) إلى الخامنئي (دام ظله).

2- ويتابع صوت الحق سلسبيله ومن نور الإسلام ضياءه مرشداً هادياً فيقول (من بركات الإسلام أن البشرية ستشهد في المستقبل القريب تراجع الحكومة الصهيونية الغاصبة وبلوغ الشعب الفلسطيني المظلوم لحقوقه، وينبغي للمسلم المؤمن الذي ينطوي على الإعتقاد أن يستعد وأن يدرك بأن هذا العصر هو عصر تقدم الإسلام وأن الإسلام سيحكم منطقة التفكير البشري كما سيحكم وقائع الحياة إن شاء الله) هو صوت المرشد العظيم علي الخامنئي (دام ظله) مؤكداً أن (حان الوقت الآن ليحقق العالم الإسلامي وحدته ويقف بحزم بوجه العدو المشترك الذي ذاقت كل الأمة الإسلامية عداءه ألا وهو الصهيونية) ويصر سماحته على الدول الإسلامية مستنهضاً روح الإسلام بها معلنا: (إذا لم تتخذ الدول الإسلامية قراراً جدياً وحازماً إزاء اعتداءات اسرائيل اللقيطة فإن هذه الإعتداءات لن تتوقف). ويحث سماحته في يوم القدس، الجماهير المسلمة قائلاً: (يوم القدس، يوم التعبئة المستمرة للجماهير لإزالة هذه البقعة السوداء من خارطة العالم الاسلامي).. ويقول مشعلاً جذوة الإيمان في القلوب: (إن يوم القدس هو يوم انتفاضة المستضعفين بوجه المستكبرين).. نعم لقد وعد الله سبحانه المؤمنين بالنصر (ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم).

ويمتزج النداءان الخميني والخامنائي وكلاهما من وهج النهضة الحسينية (إن يوم القدس يوم عالمي وليس يوماً يخص القدس فقط بل هو يوم مواجهة المستضعفين للمستكبرين. إنه اليوم الذي يجب أن ننهض وتنهضوا فيه لإنقاذ القدس وانقاذ اخواننا اللبنانيين من هذا الظلم، إنه اليوم الذي يجب أن نخلص فيه جميع المستضعفين من قيود المستكبرين.

إن يوم القدس هو اليوم الذي يجب أن أحذر فيه هؤلاء المثقفين الذين يتعاونون مع أمريكا وعملائها من وراء الستار وينفذون أوامرها بأنهم إن لم يتركوا أعمالهم التخريبية فسوف نقف أمامهم إننا نطلب من جميع القوى الكبرى في يوم القدس أن ترفع أيديها عن المستضعفين وتلزم أماكنها، إن إسرائيل عدوة البشرية وعدوة الإنسان وفي كل يوم تخلق فاجعة وتحرق اخواننا في جنوب لبنان، إن على إسرائيل أن تعلم أن أسيادها قد خسروا موقعهم الإجتماعي في العالم ولابد لهم من الإنزواء، ولابد لهم من قطع أطماعهم في إيران ويجب أن يمنعوا من التدخل في جميع البلاد الاسلامية.

ولتعلم الحكومات في العالم أن الإسلام لن يهزم وأن الإسلام وتعاليم القرآن لابد أن تتغلب على جميع الدول، ولابد أن يكون الدين هو الدين الإلهي، إن الإسلام هو دين الله ولابد أن ينتشر في الأقطار الإسلامية. إن يوم القدس يوم إعلان هذا الأمر..

إنني أعتبر يوم القدس يوم الإسلام ويوم الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ويوم لابد لنا فيه من تجهيز القوى وإخراج المسلمين من حالة الإنزواء ومواجهة الأجانب بكامل قوتهم في أقطارنا، ولايجوز للمسلمين أن يسمحوا لغيرهم بالتدخل في شؤون بلادهم...).

إنه روح الله الموسوي الخميني(رضي الله عنه) حمل المصباح لإنارة طريق الخلاص.. حمل الرسالة المحمدية مناهضاً المستكبرين، داعياً المستضعفين، حاملاً راية الجهاد ومنذ ولادة الكيان المسخ  على أرض فلسطين والنداء تلو النداء والدعوة إثر الدعوة لمحاربته وإعادة فلسطين والقدس إلى حظيرة الإسلام والمسلمين، ومنذ الستينات أعلن فتواه بتحرير القدس من رجس اليهود والصهاينة ومنذ انتصار الثورة المباركة وحتى اللحظة الأخيرة وصوته (قدس) مرتفع بالنداء. خطواته المباركة في إقفال السفارة الإسرائيلية في طهران وإعطاء بنائها للثوار المسلمين الفلسطينيين ودعوته إلى تشكيل جيش العشرين مليون لتحرير القدس، واقفال أنابيب النفط التي كانت  تضخ من طهران إلى الكيان الصهيوني زمن الشاه، وإلغاء العهود والمواثيق الأمنية والاقتصادية والاعلامية المبرمة بين الشاه المقبور والكيان المسخ. وتكفل بمعالجة جرحى الانتفاضة الإسلامية في فلسطين وتوفير العيش الكريم لأسر الشهداء فيها كما وقدّم الدعم المادي بمقدار فاق دعم العرب مجتمعين، كما مد المقاومة الإسلامية بدعم مادي غير محدود.

على خطى ذلك الراحل العظيم يكون تحرير القدس من أعتى وأطغى عدو للإنسانية والمسيحية والإسلام.. ومن كلماته استلهام الجهاد.. (في يوم القدس ازيلوا عار تسلط الصهيونية وأمريكا)، (يجب أن نخلع لباس حب الدنيا لنلبس لباس الجهاد والمقاومة حتى تشرق شمس الحق ويتحقق النصر) وعلى خطاه المرشد الخامنائي ينادي (ياشباب العرب ويا أبناء فلسطين ويا أيتها الحكومات الحرة، بالقوة وحدهاتستطيعون أن تقفوا بوجه أطماع الصهاينة وأن دويلة غربيه تعج بالمشاكل الداخلية والمهاجرين من شذاذ الآفاق لا  تستطيع أن تستقر في قلب العالم الاسلامي).

ومن ذلك النبض الثوري المفعم بالإيمان نسمع نداء حجة الاسلام والمسلمين هاشمي رفسنجاني (يوم القدس ليس للوقوف عند حد الشعارات والهتافات بل هو أن تتحد الشعوب والدول الاسلامية أكثر من أي وقت مضى لتستعد للجهاد لأخذ حق الشعب الفلسطيني وإلحاق الهزيمة بالعدو الصهيوني الامبريالي). (ان ندرك جميعاً أن اسرائيل وليدة الاستعمار الغربي وخاصة أمريكا وبالتالي فإن النضال ضدها لايمكن أن يكون مجدياً إذا انفصل عن النضال ضد أمريكا).

4- هل هو العهد القديم أم أنه الإستعمار الناهب لثروات الشعوب فإسرائيل الغاصبة ومن ورائها الصهيونية من الأعداء التاريخيين وإن تاريخ اليهود وبني اسرائيل حافل بالفساد والإنحطاط والنهب والقتل والخيانة والجريمة بحق أنبياء الله، والقرآن الكريم يؤكد على وحشيتهم ولهذا وكما يقول الإمام الراحل (قدس): (اسرائيل لا تريد أن يظل قرآن  في هذا البلد. اسرائيل لا تريد وجود علماء للإسلام في هذا البلد، لا تريد وجود أحكام اسلامية في هذا البلد) فكلمة الله أكبر تقض مضاجعهم لأن عهدهم القديم ماهو إلاّ خرافات وهلوسات خيالاتهم في السبي رسّخوها وأخرجوها للوجود فوثيقة الصهيونية لاستملاك أرض فلسطين قائمة في العهد القديم والذي رسخ جذور الصهيونية في عقول المسيحيين قبل اليهود وهو تاريخ بني اسرائيل وان نصوصه الدينية والتي تفيض وحشية وعنصرية وحقداً وكراهية ماهي الا خيوط سياسية لمملكة أرضية، وهو مجموعة أساطير مسختها القبلية اليهودية من أساطير الأمم التي احتكوا بها أو عاشوا بينها وهي خرافات غايتها استعباد العقل البشري وخلاصة العهد القديم شراهة لامتلاك الأرض واغتصابها بشتى السبل والوسائل وهو يربي في النفوس اخلاقاً دينية تستبيح إبادة الآخرين وتشريدهم وكل مافيه يتمركز بانفلاق على الذات وانعزال عن العالم وأنانية بغيضة وعنصرية حاقدة واحتقار لكل الشعوب وحقد على جميع الأمم.. وان الغرب الأوروبي. وأمريكا يهيمن عليهم تخلّق إنساني وانحطاط خلقي مريع تنكروا لجميع المعطيات الحضارية ولاتزال قواه الغاشمة المضللة المخدوعة تساعد اليهود اقتصاديا وسياسياً وعسكرياً فهل ذلك فقط بفعل الأضاليل التي استحكمت في النفوس وتجذرت في الصدور على تجديد بربرية الثوراة وخرافاتها في دولة عسكرية عرقية أم أن الغاية الأخرى هي التي تشد بهم. فلماذا تريد اسرائيل العودة إلى فلسطين وإعادة بناء الهيكل. لسليمان والذي لم تتجاوز فترة حكمه مع ابيه داود ثمانين سنة وفي جزء محدود من الأرض الفلسطينية علماً بأن مايربط اليهود ليس الدين اليهودي حيث أن اليهود الملحدون هم أيضاً يهود وكذلك فليس العرق لأنهم ليسوا من عرق واحد وليست اللغة لأنهم يجهلونها وتكاد تكون لغة متحجرة، لكن رؤيا العودة رسمت أرض الميعاد في فلسطين بالذات فلماذا لا يطلب العرب أرض ميعاد في اسبانيا والتي حكموها ثمانية قرون خلفوا فيها حضارة لا مثيل لها في حين أن تلك القبيلة البربرية التي غزت جزءاً من فلسطين لم تخلف في أرض فلسطين بعد قذفها خارجها سوى الدمار والخراب والمذابح وهذه الموجة الصهيونية البربرية تختلف عن موجات السلاجقة والصليبيين والتتر والعثمانيين في أنها استعبدت الغرب الأوروبي والأمريكي اقتصادياً واعلامياً ودفقت في وجدانه وعقله خرافاتها وأساطيرها فكانت اليهودية دينه ووحشية الثوراة أخلاقه. وإن حضارة الغرب القائمة على رابية من جماجم الأموات عادت إلى حقدها الوثني واجتياحها البربري حين أرادت إحياء بربرية اليهود وتجديد وحشيتهم وأمريكا الصهيونية تريد عالم أتباع يسيرون في ركابها ويحققون مطامعها ويعيشون على فتات موائدها. تريد العالم قطعانا من العبيد تماماً كما يريده اليهود وكما عبرت عنه ثوراتهم وذلك العهد القديم فلماذا أراد إليه التوراة (عهده) تأسيس مملكته في أرض فلسطين وأراد أن يعمر بيته على جبل صهيون وأراد للأمم كل الأمم أن تأتي إليه تقدم الطاعة والخضوع؟ ولماذا اختار الله اليهود من بين سائر الأمم وكان إلهاً خاصاً بهم ولماذا اصطفى فلسطين وطناً لهم وموطناً بيته وسكناه ولماذا لا يجد اليهودي إلهه إلا في فلسطين وفي هيكل أورشليم وعلى جبل صهيون؟...

إنه إله التوراة (يهوه) ذلك المتكلم بلسان كاتب التوراة المسبي من نبوخذ نصر.. إله التوراة خطط حدود اسرائيل الحسية في مابين الفرات والنيل بقوله (لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات)(تكوين 15/18) وأما حدودها المعنوية فتشمل أربع جهات الأرض هكذا وعدهم يهوه: (وبنو الغريب يبنون أسوارك وملوكهم يخدمونك ليؤتي إليك بغنى الأمم وتقاد ملوكهم لأن الأمة والمملكة التي لا تخدمك تبيد وخراباً تخرب الأمم) (أشعيا 60/10).

ثم يكمل كاتب التوراة خيالاته فيقول بلسان يهوه: (يجمع الرب منفيي اسرائيل ويضم مشتتي يهوه من أربعة أطراف الأرض وينقضان على أكتاف الفلسطينيين غرباً وينهبون بنى المشرق معاً) (أشعيا 11/12) ثم يقول: (ويقف الأجانب ويرعون غنمكم ويكون بني الغريب حراثيكم وكراميكم أما أنتم فتدعون كهنة الرب تأكلون ثروة الأمم وعلى مجدهم تتآمرون) (أشعيا 61/5). هو العهد القديم الذي درس في اللاهوت ومدارس الدين فأصبح المسيحي يهودي اكثر من اليهودية باعتباره العهد القديم أساس الكتاب المقدس مستظهراً ما أملاه ذلك المسبي الحاقد الحالم وبلسان يهوه كان يحرك نيران ضفينته قتلاً ونهباً وتشريداً وكل ذلك بأسر يهوه فدعوات الصهيونية تسربت إلى نفوس المسيحيين بفعل نصوص العهد القديم من الكتاب المقدس ولذا فالجذور الدينية لفكرة تجميع اليهود وإقامة دولة اسرائيل في فلسطين راسخة في أغلب النفوس المسيحية زد على ذلك النزعة الاستعمارية والنهب والسلب وإن أهم ماقامت به الصهيونية هو استغلال جهل الناس وسطحيتهم وأخذهم بالأمور التقريرية لتثبيت تلك الوثيقة السياسية المتلبّسة بثوب الدين والمستخدمة لله والأنبياء لتنفيذ مخططها المرسوم ومنهجها الموضوع، الوثيقة التي تستند إليها الصهيونية في ما تدعيه من حق في هذا الجزء من الوطن العربي... فصور العهد القديم رؤيا العودة كحلم لمهاجر.. أخذه التعب وأرهقة التجوال فحلم بالسمن والعسل و... في أرض فلسطين فيقول إيفال آلون: جاء اليهود إلى البلاد لكي يستردوا الأرض التي يعتقدون أنها كانت أرض آبائهم الأرض التي وعدها الله لهم ولذراريهم في العهد القديم المبرم قبل آلاف السنين بين الله وابراهيم.

5- الصهيونية حركة، عدوانية توسعية، حركة دينية سياسية تستند في دعواها الدينية الى وعد يهوه لآباء اليهود بتمليكهم أرض كنعان، وعندما ولدت الصهيونية كفكرة دينية أراد المفكرون العقائديون الأوائل (ليوبنسكر، تيودور هرتزل، أحدها عام، ناحوم سوكرلوف، حاييم وايزمن) تجسيدها في كيان سياسي، فكان لهم ما أرادوا. أي أن الصهيونية فكرة دينية ولادة وعندما شبت الصهيونية السياسية، بقيت مرتبطة بالدين اليهودي بحيث أنه كلما قويت الحاسة الدينية في اليهود كلما كانت الصهيونية السياسية أكثر استفحالاً وأشد ضراوة وان الجذور الدينية لفكرة تجميع اليهود وإقامة دولة إسرائيل راسخة في أغلب النفوس المسيحية كما أسلفنا حيث أن مفاهيم العهد القديم تكّون القاعدة الفكرية لدى بعض الفئات وتشكل جوانب فكرية وروحية هامة عند الفئات الأخرى والعهد القديم الذي هو بالأصل كتاب اليهود الديني أو هو وثيقة سياسية تلبست ثوب الدين واستخدمت الله والأنبياء لتنفيذ المنهج الموضوع والمخطط المرسوم وهو الوثيقة الملوح بها لبلوغ الغايات  الاستعمارية الدنيئة فالصهيونية المتبدئة بهرتزل ونور داو ليركبها وايزمن وبن غوريون ثم دايان ورابين لتصل الى نتن ياهو ماهي إلا صيحة كانت تريد أرضاً ثم تمحورت بمزيد هذه الأرض ثم صارت تريد المزيد من الأرض ثم أضحت أخيراً تريد الحدود الطبيعية لأرضنا.. خطوة خطوة.. امتلاك الأرض.

يقول وايزمن (ان بريطانيا تعهدت له بتسليم أرض فلسطين خالية من سكانها العرب. وقال مستشار ويلسون (برانوس): على العرب أن يرحلوا الى الصحراء أما الكونغرس فقد طالب عام 1942 بـإجلاء السكان العرب من فلسطين إن هم عارضوا إنشاء الدولة المقترحة.

وفي بيان قيام الدولة المسخ يقول منذ عام 1948 (أرض اسرائيل هي مهد الشعب اليهودي) ويعلق الدكتور شاكر مصطفى في مجلة الآداب البيروتية آذار 1966 (ان الأرض هي القضية). وتقول ابنة موشي دايان (يعيل دايان) في روايتها (طوبى للخائفين) على لسان المهاجر الصهيوني الأب (عفري) مستعمر الأرض إذ يتصدى لإبنه الفتى (نمرود) والذي يتردد على الكنيس للصلاة: (في القديم حين كنا في روسيا كان لابد من إطاعة التلمود والمحافظة على الدين أما الآن فقد أصبح لدينا شيء أهم...(الأرض).. لقد تركت في روسيا كل مايتعلق بي من متاع وأقارب ووجدت هنا رباً جديداً.. هذا الرب الجديد هو خصب الأرض، هو زهر البرتقال، الست تشعر بهذا؟ ويسكب عفري حفنة من تراب الأرض في كف الصبي ويقول: (امسك هذا التراب، اقبض عليه، تحسسه، تذوقه، هذا هو ربك الوحيد!!).

وفي الفصل الثاني عشر من العهد القديم (قال الرب لإبرام إذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك فذهب ابرام كما قال له الرب... فأتوا إلى أرض كنعان.. وظهر الرب لإبرام وقال: لنسلك أعطي هذه الأرض) تكوين (12/1) فلماذا يريد الرب إبادة شعب لإعطاء الأرض لشعب آخر؟! فلماذا ابرام بالذات ولماذا اختار الله شعباً خاصاً من دون سائر الشعوب أوليست بقية الشعوب من خلق الله؟!! ولماذا اصطفى فلسطين وطناً لهم وموطناً لبيته وسكناه يغذي في شعبه الخاص روح الحقد والانتقام والقتل والخيانة والغدر والخديعة.. وأما: له الرحمه والمحبة والعدل فقد رجمته الصهيونية كما ترجم الزانية فلماذا اختار الله ابراهيم لانه كان يؤمن بالتوحيد والتوراة تنقض الادعاء لأن عشيرته عبدت آلهة أخرى (يشوع 24/2) في حين كان شعب كنعان قد عرف الإله الواحد قبل إبراهيم بآلاف السنين، وفي سفر التكوين اختار اليهود أصلهم لإبراهيم الأصل الكريم ودفعه عليه البركات بينما لغيره الدعوة بالعبودية واللعنات، فألبسوا لعنه نوح بكنعان وجعلوا سام السيد في حين كنعان العبد، فهل ألبسوا ذلك لأن الكنعانيين هم أصحاب الأرض التي فكّر نبيهم موسى بغزوها بعد التيه الطويل، فكانت لعنة نوح أول تعبير عن حقد موسى على شعوب كنعان، فطوفان نوح كان لهدم العالم الغارق في الخطيئة، لكنهم لم يعيدوا العالم إلى الكمال وإنما أرسوا أسس العداء بين الشعوب.

فلماذا يقول الرب لإبراهيم (ارفع عينيك وانظر من الموضع الذي أنت فيه شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً لأن جميع الأرض التي أنت ترى لك أعطيها ولنسلك إلى الأبد) (تكوين 12/14) ولماذا يكرر الرب القول: (أنا الرب الذي أخرجك من أور الكلدانيين ليعطيك هذه الأرض لترثها)...(لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات).

ولماذا غرب الرب شعب ابراهيم في أرض مصر وفرض عليهم بأن يكونوا عبيداً أذلاء للمصريين مدة أربع مئة سنة مادام وعدهم بأرض كنعان ملكاً أبدياً ولماذا لم يترك يهوه قومه في مابين النهرين ويدفق عليهم الخيرات؟؟!!

فهل العدالة الإلهية تقتلع جذور شعب من أرضه بالفتك والإبادة لتهب الأرض لشعب آخر وهل هذه عدالة أم ظلماً؟! تقول التوراة أنهم كفروا في حين أن المعتقدات التي خلّفها الكنعانيون والمحفورة على جدران معابدهم فيها دلالة على سمو نظرتهم إلى الله والإنسان ونضجهم الروحي المبكر. فقد عرفوا (إيل) الله واسكنوه في السماء البعيدة فرفعوا القيم الأخلاقية  من المادية الى الروحية (فملكي صادق ملك شاليم أخرج خبزاً وخمراً وإن كاهنا لله العلي وبارك ابرام قائلاً: (مبارك ابرام من الله العلي مالك السموات والأرض) (تكوين 14/8).

فلا يمكن ان يكون هناك دين سماوي يأمر بإبادة الجنس البشري والفتك بالشعوب المسالمة البريئة»([3]).

 وان كل ماورد في توراتهم من وعود بمنحهم فلسطين باعتبارهم الشعب المختار وما شابه من أساطير إن هي إلاّ من نسج الخيال ومن ترتيب كتب التوراة([4]).

إن الوعود الإلهية المنسوبة إلى يهوه كانت لتبرير عملية الإستيلاء على الأرض (لأنها ميراث وعد مقدس). وسفر التكوين في تدوينه خضع لعوامل سياسية واجتماعية ولم يأت إلا بسرد أخبار قبيلة أنهكها الترحال ونرى الإله يهوه يحجب بركته عن سكان الأرض الأصليين واعداً قبيلته بتمليكها أرضهم بعد حجب البركة وإنزال اللعنة بتلك القبائل والشعوب الأخرى وهذا الوعد الإلهي أعطي بأرض لم تعرفها القبيلة اليهودية قبلاً وكانت مأهولة بأصحابها الذين سطروا فيها الأمجاد والقيم. والوعد كان بتمكينهم الإستيلاء على جنة أرضية بعد إفناء أهلها سواء كانت أرض كنعان الفائضة لبناً وعسلاً أم تلك الحادية الأنهار الأربعة دجلة والفرات والنيل والنهر الهندي المقدس؟!

جاء في الصفحة 12 من كتاب تيودور هرتزل لألكس بن: (رأى هرتزل حلماً قال فيه: ظهر لي المسيح الملك فطوقني بذراعيه وحملني بعيداً على أجنحة الريح حتى التقينا على احدى الغيوم بصورة موسى. فالتفت المسيح إلى موسى مخاطباً إياه: (من أجل هذا الصبي كنت أصلي)ثم قال لي: اذهب واعلن لليهود بأنني سوف آتي عن قريب لأجترح المعجزات الكبيرة وأسدي الأعمال العظيمة لشعبي).

وفي عام 1895 قال الحاخام غودما لهرتزل (كأنني أرى موسى بلحمه وعظمه... ربما كنت

ذاك الذي اصطفاه الله) ([5]).

وأما القس المسيحي وليم هتشلر الذي استحوذت على عقله نبوءة حزقيال فإنه اقتحم مكتب هرتزل وقال:أنت هو الذي كنت أنتظره، أنت المسيح المنتظر وذلك بعد قراءة كتاب الدولة اليهودية لهرتزل.

ويصف الأب اغناطيوس المتحمس للصهيونية «1827-1908» هرتزل بقوله: (هو يشوعكم الجديد الذي جاء لتحقيق نبوءة حزقيال) ([6]).

لقد رأوا في هرتزل موسى جديدا أو يشوعاً آخر أو المسيح المنتظر. واليهود قبل هرتزل كانوا ينتظرون بفارغ الصبر عودة موسى ليجمعهم في أورشليم ليحصد بسيفه رؤوس جميع الشعوب الأخرى ويدعها تتدحرج تحت أقدامهم([7]).

وذلك القس هتشلر الذي قال لهرتزل أنت المسيح. جاء بصحبته إلى مؤتمر بال بسويسرا 1897 معتبراً نفسه سكرتير (المسيح المنتظر) هرتزل وكان يردد في الإجتماع (يحيا الملك) مسيحه هرتزل ملك الملوك. وفي عام 1884 أصدر كراساً بعنوان (ارجاع اليهود إلى فلسطين حسبما ورد في أسفار الأنبياء) وكان القس هتشلر الصهيوني يكرر دائماً على مسامع هرتزل قوله: (لقد مهدنا السبيل لك) ([8]).

ولهتشلر حسابات باعتبار الشهر النبوي لدى اللاهو تبين يساوي ثلاثين يوماً نبوياً واليوم النبوي يساوي سنة فبضرب 42×20= 1260 يوما نبوياً واعتبر دخول عمر بن الخطاب الى القدس 627م بداية دوس الأمم للمدينة المقدسة فيضاف 1260 يكون 1897 نهاية دوس الأمم وبدء عودة اليهود الى سابق عزهم ومجدهم وتظهر صهيونية القس الانجيلي في حمله لخريطة فلسطين وقوله لهرتزل (يجب أن تكون حدودنا الشمالية جبال كبادوكيا والجنوبية قناة السويس وشعارنا فلسطين داود وسليمان([9]).

وقد ساعد هذا القس اليهود الشرقيين للهجرة إلى فلسطين واستيطانها بحماية بريطانيا بجمع المال والتبرعات ومن هنا كان وصف المؤلفات الصهيونية له بأنه (حبيب صهيون المسيحي). أمثاله كثر خاصة رجال الدين والفكر المتهودين الذين يقودون الجماهير إلى هاوية الصهيونية المرعبة سواء بواسطة الكنيسة والمدرسة أو بواسطة الصحيفة والكتاب وكمثال القس هذا وغيره من المتصهينين والصهاينة رأوا في (بن غوريون) نبياً كذلك وايزمن ولربما الآن رأوا في (النتن ياهو) المسيح المخلص الآخر وإن الكثير من المسيحيين آزروا الصهيونية لاعتقادهم بأن نبؤات التوراة حول عودة اليهود إلى فلسطين واقعة حتماً ولذلك قال وايزمن (ان من الأسباب الرئيسية لفوز اليهود في الحصول على تصريح بلفور من بريطانيا بإنشاء الوطن القومي اليهودي هو شعور الشعب البريطاني المتأثر بالتوراة) وذلك ناتج عما كان لتنبؤات أشعيا وأرميا وعاموس وميخيا وزكريا وحزقيال ونحميا وعزرامن أثر بالغ في نفوس المسيحيين المتهودين الذين حملوا المشاعل في الدعوة الصهيونية فحملوها فوق المنابر وتجندوا لها فكراً وقلما ومالاً وسلاحاً فساسة بريطانيا المتصهينين بفعل صهيونية التوراة التي تشربوها في البيت والكنيسة والمدرسة وجهوا سياسة انكلترا لخدمة الصهيونية وتحقيق مآربها ولقد ظهر اهتمام بلفور باليهود قبل ظهور الصهيونية الهرتزلية حتى أنه رأي أن الدين والحضارة المسيحيين يدينان لليهودية، وكان يرى في اليهود شعباً منفياً ومن الواجب اعادته لوطنه ونابليون بونابرت الفرنسى حظي بلقب مؤسس الدولة اليهودية تقريباً قبل ابتداء القرن التاسع عشر بعام واحد.

واللورد شافتسبري (1840) قام بتقديم مذكرة أثناء انعقاد مؤتمر لندن لبحث مستقبل فلسطين وسورية وذلك إلى وزير الخارجية اللورد بالمرستون وكتبت جريدة التايمز بأن الاقتراح الداعي إلى زرع الشعب اليهودي في أرض آبائهم لم يعد موضوعاً تأميلياً بل مسألة سياسية جدية.

والكولونيل تشارلز هنري تشرشل -  الضابط في هيئة أركان جيش الحلفاء والذي أجبر خديوي مصر محمد علي على الانسحاب من فلسطين - كتب رسالة إلى مونتفيوري عام 1841 على إعادة توطين اليهود في البلاد غير أن المجلس اليهودي الذي كان يترأسه مونتفيوري كلّفه بالرد على الكولونيل بأنه يرفض العمل لهذه الغاية.. وفي عام 1849 اصطحب الضابط البريطاني، الكولونيل جورج مونتينوري في زيارة إلى فلسطين وبعد أربع سنوات جدد اقتراحاته الداعية إلى إقامة مستوطنات يهودية بدعم من انكلترة.

وأما الجنرال السير تشار لز دارت فقد اقترح تأسيس شركة صاحبة امتياز للحصول من السلطان على امتياز بإقامة استيطان يهودي ينتهي بحكم ذاتي وتبنى الفكرة أيضاً الكولونيل كونور وعمل لها دون كلل وكل هؤلاء ضباط عسكريون بريطانيون برتب عالية وهم الذين بادروا بطرح الفكرة على القادة اليهود الذين رفضوها بادئاً وقبل انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول بخمسين عاماً.

فبريطانيا وفي القرن التاسع عشر كانت تبحث بصورة مستميتة عن حركة صهيونية وتعهدت بتقديم الدعم والحماية حتى وقبل توفر الظروف لخلعه تلك الحركة ولم تكن تطلب من اليهود المقيمين على أراضيها سوى تقديم القيادة كي تبدو الحركة وكأنها حركة يهودية نابعة من شوق اليهود الملتهب إلى صهيون.

وأما الشعب الأمريكي فعطفه خاص على اليهود حيث أن أكثرية من البروتستانت المتأثرين بتنبؤات التوراة وأن رجال الكنيسة البروتستانتية تدخلوا مؤيدين القضية اليهودية عام 1945 وقع قسيس (5000) مذكرة رفعت للحكومة لفتح أبواب فلسطين للهجرة اليهودية فأمريكا وبالرغم من أنها ظلت حتى أواخر القرن الماضي بعيدة عن مجال التنافس الاستعماري حول مناطق النفوذ في الوطن العربي بسبب مشاغل أخرى إلا أنه ظهرت بصورة مبكرة مؤشرات تدل على تشجيعها لفكرة توطين اليهود في فلسطين. ففي عام 1818 تلقى مردخاي مانويل نوح (صحفي وكاتب أمريكي يهودي وقنصل أمريكا في تونس) رسالة من جون أدامز الرئيس الأمريكي جاء فيها (إنني أرغب حقاً في رؤية اليهود ثانية في أرض يهودا كأمة مستقلة).

وفي مابين الأعوام 1820 - 1841 تأسست في أمريكا حركات دينية تبشيرية تروج لفكرة عودة اليهود إلى فلسطين، لابل حاولت هي نفسها استيطان فلسطين تحت ستار ديني.

إذن فهناك مؤشرات كثيرة تشير وتؤكد إلى أن إصرار وعد بلفور تم بالتنسيق بين الحكومتين البريطانية والأمريكية فلقد كانت كل من بريطانيا وأمريكا تبحثان جادتين عن حركة صهيونية لتكون مخفراً متقدماً لحماية المصالح الامبريالية وإذا كانت الدوافع القوية البريطانية بسبب حماية مصالحها في الهند وقناة السويس والبترول يوم كانت بريطانيا دولة عظمى فإن هذه الدوافع انتقلت وبقوة دفع أكبر إلى أمريكا ولنفس الأهداف والتي يتمثل حالياً بالحصول على الطاقة وعلى البترو دولار إضافة الى الأهمية الاستراتيجية في مجال الصراع العالمي. وإن إقامة مايسمى بدولة اسرائيل ومن قبلها الحركة الصهيونية لم يكن أصلاً بدافع من العطف على اليهود أو خلق مجتمع يلعب دوراً حضارياً ويقيم مجتمعاً جديداً مبدعاً وخلاّقاً يكون (نوراً للأمم) أو الحديث عن إقامة (حصن الديمقراطية) و(المجتمع المثالي) في الشرق كله يتجزأ في الهواء أمام الحقائق التاريخية والمادية والدوافع الحقيقية لإنشاء الكيان الصهيوني وأداته العسكرية المتفوقة.

يقول الكاتب الصهيوني الاسرائيلي (اليعزر لفنه):(إن  المساعدات الأمريكية لا تأتي بضغط من يهود أمريكا أو بسبب وجود نظام ديموقراطي في اسرائيل وإنما بسبب المصلحة المشتركة للدولتين وكلما تراجعت اسرائيل كلما قلت قيمتها في نظر أمريكا واسرائيل المقلصة لا تستطيع أن تتطلع إلى المساعدة الأمريكية الضخمة ذاتها التي ستحتاج اليها إلى الأبد بل ستنقلب إلى مصدر إزعاج وستنبذ.. علينا أن لانطلب من الولايات المتحدة عونا وإنما شبكة دفاع اقليمية مشتركة نضع طاقاتها في خدمة المصالح الأمريكية وبذلك تصبح اسرائيل أهم بالنسبة لأمريكا من أوروبا).

فالوجود الصهيوني ليس له أي مبرر سوى خدمة المصالح الأمريكية وهذه الخدمة تحتاج إلى جيش اسرائيلي قوي قادر على العمل على اتساع المنطقة التي لا حدود لها بحيث أنها تشمل كل مناطق النفط والمواد الأولية.

والوجود الصهيوني على أرض فلسطين مرتبط بأسباب ومبررات عسكرية بالدرجة الأولى وما عدا ذلك مبررات ليست سوى أغطية تمويهية لإخفاء الحقيقة والغرض من إقامة ذلك الكيان، وأما الأهداف المعلنة للحركة الصهيونية من وراء إقامة وطن قومي  لليهود في فلسطين فليست مرتبطة بمعطيات الواقع الموضوعي والتي أهمها خصائص الأرض الفلسطينية المفتقرة للموارد الطبيعية الواجبة لتوفر شروط الحياة.

ذلك الثوب الكهنوتي الذي يخفي أبالسة الجحيم نراه على (فرانك جناوي) وهو متنبئ مثل هتشلر كرس كتاباته على أن الحركة، الصهيونية هي العلامة الدالة على قرب مجيء المسيح وهو الناطق بـإسم (اخوة المسيح) وقد أصدر عام 1922 كتاب فلسطين والعالم جعل شعار غلافه أرض اسرائيل لشعب اسرائيل.

وأما المستر سكوت رئيس تحرير صحيفة المانشستر غارديان فنصب من نفسه دعامة لليهود وصلة وصل بين وايزمن وقادة بريطانيا كلويدجورج وغيره..

وفي ذلك يقول وايزمن: إنني تعرفت على رجل قيمته لا تقدر بالنسبة للحركة الصهيونية لأن عطفه على المثل العليا اليهودية كان عظيماً ونفوذه الشخصي العام كان هائلاً فلماذا إذن نادى أغلب زعماء بريطانيا بالصهيونية وبشروا بها في المحافل والمؤتمرات أكثر من الصهيونيين أنفسهم مثلاً بلفور: ذهب إلى أمريكا واتصل بزعماء اليهود داعياً إياهم إلى  نصرة الصهيونية وإلالتفاف حول زعمائها وحتى أنه قال في خطاب له في واشنطن 1917: (إنني صهيوني) وأما لديد جورج ولورد سيسل وغيرهم من ساسة بريطانيا فكانوا صهاينة أكثر من الصهاينة أنفسهم. فحزب العمال البريطاني دعا إلى إجلاء العرب من فلسطين لأجل إيواء اليهود([10]).

وأما مجلس اللوردات فقد أصدر عام 1944 وثيقة جاء فيها: (على العرب أن يرحلوا من فلسطين إذ لهم أوطان سواها وإلا تعرضوا لمنهج الإبادة). أليس هؤلاء صهاينة ومنهجهم ذلك هو منهج التوراة الذي رسّخ القتل والإبادة قبل أن يرسخ المنهج المسيحي المحبة والعدل والرحمة لقد انتفت من نفوس المسيحيين في أوروبا وأمريكا روح الإنجيل العامرة بالمحبة والتسامح والرحمة وحلت محلها شرائع العهد القديم التي تغلي بالحقد والكراهية والإبادة.

يقول كالفن زعيم البروتستانتية: (ان الله يحب أن تطرح الرأفة والإنسانية جانباً). وتشرشل وزير المستعمرات البريطاني قال في زيارته لفلسطين شباط 1921 (من الحق الصريع لليهود المشتتين أن يكون لهم وطن قومي يجمعهم وهل يكون هذا الوطن غير فلسطين التي مابرح اليهود منذ ثلاثة آلاف سنة مرتبطين بها).

إذن فالمسألة الفلسطينية بدأت تظهر جلية مع سيطرة الطبقات ذات الأطماع والتي سيطرت على الحكومات في أوروبا فبدأت الأطماع الإستعمارية تظهر بوضوح من خلال التفتيش عن مواطن المواد الخام والأسواق التي تصب جميعها في دعم الثورة الإقتصادية للدول، فكانت فلسطين محط أنظار البريطانيين، ولما كان لليهود مصلحة بالعودة الى  فلسطين فكان التعاون مشترك والمصلحة مشتركة ففي عام 1649 قدمت عريضة إلى الحكومة الإنكليزية جاء فيها: (إن الأمة الإنكليزية مع سكان الأراضي المنخفضة سيكونون أول الناس وأكثرهم استعداداً لنقل أبناء اسرائيل وبناتها على سفنهم إلى الأرض الموعودة لأجدادهم ابراهيم واسحق ويعقوب كي تصبح إرثاً دائماً لهم. ثم طرحت فرنسا فكرة توطين اليهود بشكل جدي، ففي عام 1798 وضعت خطة سرية لإقامة كومنولث يهودي في فلسطين حال نجاح الحملة الفرنسية في احتلال مصر والمشرق العربي وأصدر بونابرت بمجرد وصوله إلى مصر بيانات حث فيها جميع يهود آسيا وافريقيا على الالتفاف حول رايته من أجل إعادة مجدهم الغابر وبناء مملكة القدس القديمة كما وجّه نداء آخر إلى اليهود دعاهم فيه بأنهم ورثة فلسطين الشرعيين وكانت المنافسة بين بريطانيا وفرنسا لكسب ود اليهود لخدمة مآربهم تتلخص بالإستيلاء على مقدرات البلاد الاقتصادية. ذلك التبني لليهود لم يقتصر على بريطانيا وفرنسا فهناك روسيا وهولندا والولايات المتحدة وكلهم مدوا يد المساعدة لليهود من أجل الإستيطان في فلسطين ذلك الاستيطان الذي لم يكن قبل الثلاثينات من القرن التاسع عشر حتى ولا فكرة مجردة بل صلة دينية عاطفية حتى أواسط الثلاثينات.

لقد كرس هرتزل (المؤسس الحقيقي للصهيونية السياسية الحديثة) العقد الأخير من عمره داعياً إلى تنظيم المجتمعات اليهودية والتنسيق فيما بينها تحت راية المنظمة الصهيونية العالمية. وأما آل روتشيلد فقد موّلوا الصفقة المعقودة بين رئيس وزراء بريطانيا دز رائيلي والخديوي اسماعيل لشراء أسهم قناة السويس وبما أنهم من الأثرياء فقد كانوا السند الهام لهرتزل الذي دعا إلى عقد المؤتمر الصهيوني الأول أواخر آب 1897 وقال: (في بازل أقمت الدولة اليهودية وإذا ماقلت هذا القول علناً فسأواجه بسخرية من العالم ولكن ربما بعد خمس سنوات وبالتأكيد بعد خمسين سنة سيرى الدولة كل إنسان وسيعترف بها الجميع).

وبعد خمسين عاما وفي 15 أيار 1948 قامت دولة اسرائيل المشؤومة وهناك أمر مهم بالإضافة إلى سعي البرجوازية اليهودية وراء المكاسب المادية فإنها وجدت في إنشاء وطن في فلسطين وسيلة للتخلص من عب فقراء اليهود الروس الوافدين إلى أوروبا الغربية.

ومن الأقطاب الذين أرسوا دعائم الإستيطان اليهودي في فلسطين موسى مونتفيوري (1784 - 1885) والذي نجح بالحصول على وعد من محمد علي عام 1829 (حاكم فلسطين آنذاك) بمنحه امتياز استئجار أجزاء من أرض فلسطين (200 قرية في الجليل) ولمدة خمسين عاما وبدون ضرائب وفي عام 1849 نجح بالحصول من السلطان عبد الحميد على فرمان سمح بموجبه لليهود بشراء بعض الأراضي وفي عام 1850 وبفرمان آخر تسنى له بموجبه شراء أول قطعة أرض في القدس خارج أسوار المدينة القديمة بحجة إقامة مشفى لكنه عوض المشفى أقام أول حي سكني يهودي في فلسطين وفي القدس بالذات (حي مونتفيوري) ومنذ بداية الستينات في القرن الماضي بدأ اليهود ينشئون الجمعيات لتشجيع الإستيطان في فلسطين ففي عام 1860 تأسست جمعية الإليانس (الاتحاد اليهودي العالمي) في فرنسا برئاسة أدولف كريمييه وعملت على مساعدة اليهود بالهجرة إلى فلسطين وشراء الأراضي والعمل وإقامة المستوطنات الزراعية.

لقد فبركت الإيديولوجية الصهيونية لتكون بمثابة غطاء عقائدي للتمويه على الجوهر الاستعماري للمشروع الصهيوني واظهار دوره في خدمة الامبريالية وكأنه مصلحة يهودية اسرائيلية وبالتالي تضليل اليهود وانتزاعهم من مجتمعاتهم وتهجيرهم إلى فلسطين لتعبئتهم عدوانياً للتصدي للحركات التحررية العربية فالايديولوجية الصهيونية بما تتضمنه من أكاذيب ومفاهيم وأفكار عنصرية رجعية ومقولات مضللة تنطوي على كل مبررات العدوان والتوسع على حساب البلدان العربية بـإسم الحق الديني والحق التاريخي المزعومين.

ونعود لنقول أن الصهيونية كفكرة كانت راسخة في عقول المسيحيين بتأثير العهد القديم ثم صارت دعوة أخذ بها مؤسسوا الصهيونية ثم أضحت حركة اجتماعية واسعة على صعيد مؤسسات دينية وأجهزة إعلام ومؤتمرات دولية ومحافل أممية وقد غزت أفكار المسيحيين المتدينين المؤمنين بتنبؤات العهد القديم بقولهم (ان الله اختار هذا الشعب ووعده بالأرض وبعد السبي والتشتيت وعده بالعودة إلى أرض الميعاد).

(إذن فعودة اليهود إلى فلسطين وإقامة دولة يهودية هو تحقيق لوعد الله ونبوءات الأنبياء). يقول الأب الدكتور أ.س فورست رئيس تحرير الأوبرزفر الناطقة بـإسم الكنائس المتحدة في أمريكا بعد جولة في الشرق الأوسط (إن أكبر ظلم وقع على العرب كان من الكنائس الغربية).

ان أهم حجة برروا بها عملية الغزو والإستيلاء هي أن فلسطين أرض الميعاد وعد الله بها ابراهيم ووعدهم بعد اقتلاعهم منها ونفيهم بـإعادة تجميعهم للعودة بهم إليها لإنشاء الدولة اليهودية التي يكون كرسي الله فيها ورسخوا ذلك في عقول الغرب خاصة وأن الوثيقة هو محور الكتاب المقدس يبث ذلك جيش من المبشرين الحاملين أسماء مسيحية بقلوب يهودية وجيش من الطوائف المنشقة عن المسيحية كالبروتستانتية وما تفرع عنها وبحيث يشب المسيحي الغربي وفي أذنيه أصداء الرسالة. وقد استطاع زعماء الصهيونية تصوير اليهود كحملان في غابة ذئاب لتبرير استجداء العطف والشفقة من العالم ولإضفاء طابع الشرعية على حروبهم التوسعية مدعين أنها حروب وقائية لا تبغي غير حدود آمنة.

يقول الكاتب اليهودي ماركس رافاج (انكم أيها المسيحيون تثيرون ضجة حول النفوذ اليهودي في مؤسساتكم ومسارحكم ومدارسكم وقوانينكم حتى الأفكار التي تدور في أخلادكم،اليهود غزوا بلادكم ونفوسكم بلا جيوش ولا أسلحة. كان غزواً وفتحاً بالروح اليهودية، بالمبادئ، بالدعاية، بلا شعور منكم جعلناكم تحملون رسالتنا إلى العالم أجمع([11]).

ومنذ ربطت التوراة بالإنجيل استطاع اليهود جر المسيحيين في ركابهم فكانوا كالاغنام في حظيرة تساق بوعظ الكهّان.

ومنذ ولدت الصهيونية السياسية في القرن التاسع عشر وهي تعمل جاهدة على تكوين شخصية اليهودي القومية حتى إذا ما اُنشئت الدولة المسخ جاء ارتباطه السياسي بها قوياً. فهي أرض قوميته كارتباطه بالتوراة، فالإرتباط اليهودي بأرض فلسطين قوي جداً لأنه نتيجة حتمية لارتباطه بدينه ومن هنا كانت الديانة اليهودية قومية كما أن القومية اليهودية دينية فالدين اليهودي يتضمن جميع مبادئ الصهيونية المتجذرة في الدين اليهودي فاليهودية هي الديانة القومية للشعب اليهودي والصهيونية تنحصر في تأمين أرض لهذا الشعب وهذه الأرض هي فلسطين لارتباطها بالديانة اليهودية فهي أرض الميعاد أو جبل صهيون أو مركز الهيكل وهكذا كانت الديانة هي الدافع باليهود للعودة والإستيطان.

يقول هرتزل (اسم فلسطين في حد ذاته يجتذب شعبنا بقوة عجيبة الفعالية وهكذا تمخضت الديانة اليهودية فكانت القومية الصهيونية فلا حدود بين الاعتبارات الدينية والمقومات القومية في العرف اليهودي.. اليهود يملكون أمضى سلاحين هما الدين والإعلام بالدين ملكوا عواطف الأمم وبالفكر المراوغ استطاعوا تزوير الحقائق وبالصياح إقناع الناس بأباطيلهم.

يقول هرتزل في مذكراته([12])، المؤرخة 12 أيار 1898 وكأنه يضع القاعدة الرئيسية للدعاية: (الصياح هو كل شيء - حقاً ان للصوت العالي شأناً كبيراً.. الصياح المتواصل تعاقد مأثور وليس تاريخ البشر سوى قعقعة السلاح وجعجعة الرأي الزاحف، عليكم أن تصحيوا وتصرخوا).

هو ذاك شرع اليهودية الصهيونية إبادة واستيلاء ونهب وسلب لقد سخروا الخالق فجعلوه طوع إرادتهم ورهن إشارتهم لأجل تحقيق رغباتهم التي كانت تغتلي بصدورهم فجعلوها رغبة يهوه وادعوا بها معرفة الغيب فيهوه بعد خروجهم من مصر يمنّيهم بالمعجزات يضعها أمامهم ويسلط عليهم سيف الوعيد والتهديد إذاهم ضعفوا عن المشيئة الإلهية في الاستيلاء على أرض كنعان وافناء أهلها.

وأما برمجة الاستيلاء والاستعمار فتأتي من خلال الوعد ففي سفر الخروج 23/23 يقول (إن ملاكي يسير أمامك ويجيء بك إلى الأموريين والحثيين والفرزيين والكنعانيين والحويين واليبوسيين فأبيدهم، لاتسجد لآلهتهم ولا تعمل كأعمالهم. لأطرد الشعوب من أمامك في سنة واحدة لئلا تصير الأرض خربة فتكثر عليك وحوش البرية، قليلاً قليلاً أطردهم من أمامك إلى أن تثمر وتملك الأرض وأجعل تخومك من بحر تسوف إلى بحر فلسطين ومن البرية إلى النهر فإني أدفع إلى أيديكم سكان الأرض فتطردهم من أمامك لا تقطع معهم عهداً)..  هي تلك البرمجة تصل إلى نتن ياهو فلا عهد له ولا ميثاق كبقية سابقية فلقد وعد يهوه شعبه المختار باستعباد الشعوب وهذا ماهو إلاّ ردة فعل لدى كاتب التوراة لشعوره بالاضطهاد والتنكيل والعبودية في بابل ومصر فأخذ يغرس بذور الحقد على الكنعانيين حيث أنهم أصحاب مجد وحضارة ولأن موسى ارتد خائباً عن أرضهم. ولقد وعد يهوه في قيادته لبني اسرئيل بأنه سيطرد الأمم من أمامهم فقال لموسى (يطرد من أمامك شعوباً أكبر وأعظم منك ويأتي بك ويعطيك أرضهم، تثنية /4/28) وكما وعدهم: (إلى مدن عظيمة جيدة لم يبنوها وبيوت مملوءة كل خير لم يملأوها وآبار محفورة لم يحفروها وكروم وزيتون لم يغرسوها، تثنية 6/10) ويتابع كاتب التوراة: (وكلم الرب موسى وهارون قائلاً حتى متى أغفر لهذه الجماعة الشريرة المتذمرة علي..» قل لهم في هذا القفر تسقط جثثكم، وبنوكم يكونون رعاة في القفر أربعين سنة.. أما الرجال الذين أرسلهم موسى ليتجسسوا الأرض وأشاعوا المذمة الرديئة على الأرض فماتوا بالوباء أمام الرب، عدد 14/26)... (ثم كلم الرب موسى قائلاً: إنكم عابرون الأردن إلى أرض كنعان فتطردون كل سكان الأرض لأني قد أعطيتكم الأرض لكي تملكوها وإن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم يكون الذين تستبقون منهم أشواكاً في أعينكم ومنافس في جوانبكم، عدد 22/50). تلك هي سياسة الأرض المحروقة شريعة يهوه التي تقضي بتنظيف الأرض من سكانها هي الشريعة ذاتها المستمرة الفاعلة في نفوس اليهود ماكانت تفعله في القرن العاشر قبل الميلاد.

يقول النجار([13])، (وحين شرد اليهود قرابة مليون عربي من موطنهم فلسطين عام 1948 هتف بن غوريون «لقد نظفت البلاد بشكل رائع ومهدت لإسرائيل بأعجوبة مهمتها الشاقة».

وهذا مارمى إليه كاتب العهد القديم في مستهل سفر التثنية 1/5 عندما كتب «أنه في السنة الأربعين لخروج بني اسرائيل من مصر ابتدأ موسى يشرح هذه الشريعة قائلاً: يهوه إلهنا كلمنا في حوريب قائلاً: كفاكم قعود في هذا الجبل، تحولوا وارتحلوا وادخلوا جبل الأموريين وكل مايليه من العربة والجبل والسهل والجنوب وساحل البحر، أرض الكنعاني ولبنان إلى النهر الكبير نهر الفرات، انظر قد جعلت الأرض أمامكم، ادخلوا تملكوا الأرض التي أقسم الرب لآبائكم ابراهيم واسحق ويعقوب أن يعطيها لهم ولنسلهم من بعدهم).

وفي سفر التثنية /2 (دفع يهوه إلهنا أمامنا ملك حسبون فضربناه وبنيه وجميع قومه وأخذنا كل مدنه في ذلك الوقت وحرمنا من كل مدينة الرجال والنساء والأطفال لم نبق شارداً).. وهكذا يريد يهوه إفناء الشعوب من أجل قبيلة اسرائيل ووصاياه تؤكد على إبادة الشعوب وعدم إعطاء أي عهد، يقول موسى (ويهوه يطرد جميع الشعوب من أمامكم فترثون شعوبا أكبر وأعظم منكم. كل مكان تدوسه بطون أقدامكم يكون لكم من البرية ولبنان من نهر الفرات إلى البحر الغربي يكون تخمكم لا يقف إنسان في وجهكم. يهوه إلهكم يجعل خشيتكم ورعبكم على كل الأرض التي تدوسونها، تثنية 11/23).

فيهوه لا يوصي إلاّ بالتدمير والإبادة فهو يقول: حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون للتسخير ويستعبد لك وإن لم تسالك بل عملت معك حرباً فحاصرها وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف وأما النساء والأطفال والبهائم وكل مافي المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جداً. التي ليست من مدن هؤلاء الأمم هنا.

وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك يهوه إلهك نصيبا فلا تستبق منها نسمة ما بل تحرمها تحريماً... كما أمرك الرب إلهك، تثنية 20/10).

وفي تثنية 20/1 جاء (يرد الرب الهك سبيك ويرحمك ويعود فيجمعك من جميع الشعوب الذين بددك إليهم يهوه إلهك، إن يكن قد بددك إلى اقصاء السموات فمن هناك يجمعك الرب إلهك ومن هناك يأخذك ويأتي بك الرب إلهك إلى الأرض التي امتلكها آباؤك فتمتلكها) فالشغل الشاغل ليهوه الاستيلاء على أرض كنعان وتمليكها لبني اسرائيل فهو يبيد الأمم من قدامهم ويطرد الشعوب ويهوه وحده من بين سائر آلهة الشرق القديم عقد ميثاقاً مع أتباعه بني اسرائيل بـإعطائهم أرضاً عامرة بأهلها وحضاراتهم فالشغل الشاغل ليهوه هو الأرض ففي كل الأسفار سواء سفر يشوع أو التكوين أو الخروج أو اللاويين وكذلك سفر العدد حيث يؤكد إدخالهم الأرض (انكم عابرون الأردن إلى أرض كنعان) وسفر التثنية كذلك المختلف عن سفر يشوع ففيه الأمر (قم واعبر هذا الأردن أنت وكل الشعب إلى الأرض التي أنا معطيها بني اسرائيل، يشوع 1/1) ويقول (تشدد وتشجع لا ترهب ولا ترتعب لأن يهوه الهك معك حيثما تذهب، تثنية 1/5).. الأرض.. الأرض...

7- فلماذا فلسطين جعلها يهوه موطناً لبيته وسكناه ولماذا لا تتم عبادته إلاّ على جبل صهيون، لقد أراد كاتب التوراة تبرير غزو القبائل الإسرائيلية لأرض كنعان فجعل نوحاً يسكر ويتعرى ثم ليسوق اللعنة بوجه كنعان بن حام لأن الوعد سيعطي لإبراهيم بأرض كنعان، وقد قصد باللعنة الأبدية إلحاق العبودية بكنعان مدى الحياة.

وكاتب التوراة هو الذي جعل ابراهيم إبناً لسام وأراد له الإنتقال من أور إلى بلاد كنعان ليكون انتصار بني اسرائيل واستيلاؤهم على أرض كنعان نتيجة حتمية لدعاء نوح ولإخفاء صفة الحتمية على مجريات الأمور لصالح بني اسرائيل وباخفاء صفة الربوبية عليها فكل شيء بـإرادة يهوه الذي حشروه في كل شيء كذريعة تبرر نواياهم وأعمالهم لقد جعلوا لعنة يهوه تشمل نسل كنعان كله وهذه اللعنة تعني الحرمان من حق الحياة إلى نهاية الدهور وبذلك برر كتاب (العهد القديم) ليهوه أوامره بـإبادة الكنعانيين دون ذنب اقترفوه والذي لا يقبله العقل.

يقول كاتب العهد القديم: (وتغرب ابراهيم في أرض الفلسطينيين أياماً كثيرة، تكوين 21/34). وكان في الأرض جوع فذهب اسحق بن ابراهيم إلى أبي مالك ملك الفسلطينيين فظهر له الرب وقال: تغرب في هذه الأرض لأني لك ولنسلك أعطي جميع هذه البلاد وأفي بالقسم الذي أقسمت لإبراهيم أبيك، تكوين 26/1) ثم ظهر الرب ليعقوب بن اسحق وقال: أنا يهوه إله إبراهيم أبيك وإله اسحق، الأرض التي أنت مضطجع عليها أعطيها لك ولنسلك، تكوين 28/12) ونجد في التوراة تبرير اللعنة والرحمة والمباركة كما يروي الكاتب حيث يزوج يعقوب بوصية اسحق من بنات خاله حيث تأتي الأسباط ويسوق يعقوب أولاده ونساءه على الجمال إلى أبيه اسحق إلى أرض كنعان.

وهكذا جاء للإستيلاء على الأرض حسب وعد يهوه وكان ذلك بالمجازر والوحشية وحرب الإبادة فالدعامتين الأساسيتين اللتين قامت عليهما دولة اسرائيل في القرن العاشر قبل الميلاد أو في القرن العشرين هما:

1- ايقاع الذعر في النفوس.

2- تنظيف الأرض من شعوبها لاستيعاب القبائل الاسرائيلية وذلك لا يتحقق إلا بحرب الإبادة وبالمجازر والرعب والخوف. يقول ديستويفسكي في مقالة (المسألة اليهودية): (عاشت هذه القبيلة الهمجية في حالة بدائية وحشية وفي زمان غاشم لم يعرف قانونا غير القوة (شريعة الغاب) يساعدهم في ذلك ربهم يهوه إله الحقد والرعب والدم.

وفي كتاب العهد القديم مجموعة من الصور ذات دلالة عميقة على نوايا شعب كنعان الطيبة الصافية.. (هو ذا أرضي قدامك اسكن في ما حسن في عينيك، تكوين 20/15). هذا ما قاله ملك جرار الكنعاني وعندما ماتت ساره قال ابراهيم لبني حث: أنا غريب ونزيل عندكم اعطوني ملك قبر لأدفن ميتي. فقالوا له: في أفضل قبورنا ادفن ميتك، غير أن ابراهيم طلب مغارة (المكفيلة) بثمن فأجاب صاحبها عفرون بكرم ونبل وشهامة وسمو كنعاني: لا ياسيدي اسمعني الحقل وهبتك إياه والمغارة التي فيه لك وهبتها، تكوين 23/11).

ويعود السؤال بقوة متى كان اليهود سكان فلسطين الأصليين، ألم يكونوا غزاة على لسان إلههم يهوه، أليست فلسطين أرض الفلسطينيين ومن هنا كان إسمها وعندما جاء الإسلام الحنيف اعتنق الدين الجديد من لم يكن على المسيحية وبقوا في أرضهم ولقد ربط الدارسون قيام دولة اسرائيل وهي لما تزل فكرة بالمطامع الاستعمارية والمصالح الاستراتيجية وقالوا اما الغرب عمد إلى مماشاة اليهود واستغلالهم لتحقيق المطامح والمصالح. وجاء في دائرة المعارف البريطانية، تحت مادة صهيونية: (لقد وجد في انكلترة كتاب سياسيون يطالبون بإعادة إنشاء دويلة يهودية في فلسطين تحت الحماية البريطانية كوسيلة إلى تأمين الطريق البرية إلى الهند) ثم تعود دائرة المعارف لتقول: (ان الاهتمام بعودة اليهود إلى فلسطين قد بقي حياً في الأذهان بفعل المسيحيين المتدينين وعلى الأخص في بريطانيا أكثر من فعل اليهود انفسهم) وقد أو هم دعاة الصهيونية الإنكليز بأن إنشاء دولة يهودية في فلسطين هو ضمان لحماية قناة السويس وسائر المصالح البريطانية في الشرق الأوسط.

وهذا هو الظاهر لكن الباطن هو إيمان الانكليز المطلق بالعهد القديم خاصة تعابير الحق المقدس بأرض فلسطين واختيار الله لهم فكبار رجال السياسة كانوا صهاينة أكثر من  اليهود وكانوا يرون في إعادة اليهود إلى فلسطين وإنشاء دولة لهم ونشر ظل الحماية والعون عليهم تحقيق لوعود الله في الكتاب المقدس وتنفيذ لإرادته ورغبته ويشير إلى ذلك وايزمن بقوله: (إذ لم يكن يخطر في باله أن رجاله أمثال بلفور وتشرشل ولويد جورج كانوا من المتدينين والمذعنين بالتوراة لدرجة أنهم يرون رجوع اليهود إلى فلسطين هو أمر واقعي واننا نحن الصهيونيين نمثل لهم تراثا عظيماً يكنون له أعظم التقدير) ([14]).

وان التركيز في البحوث الدينية والتاريخية على كتاب العهد القديم خلق الانطباع عند الغربيين بأن فلسطين يهودية، فعودة اليهود إليها أمر حتمي لأنه مشيئة إلهية. ونتيجة لانشقاق البروتستانت إلى طوائف فقد وجدت الجمعيات والمؤسسات والتي ظاهرها مسيحي وبرامجها وأهدافها صهيونية إضافة إلى الجمعيات المشتركة بين اليهود والبروتستانت والتي تتبنى دعوة الصهيونية والعمل من أجلها مما ساعدها على رفع الباطل وإزهاق الحق مثال الراهب اللوثري الذي وقف في 6 شباط 1964 محاضرا أمام التلفزيون الأمريكي فقال: إنني أريد أن أذكر الناس بأن العهد القديم هو الكتاب المقدس الوحيد الذي استعمله يسوع ([15]).

يقول الدكتور يوناتان تشيرمان اسقف لونج ايلاند في نيويورك: (ان الكتاب المقدس الذي يضم العهدين القديم والجديد هو وحدة تجمع نصوصا متنوعة تحدد وعود الله وتحقيقها عبر التاريخ) ([16]).

ويقول الكاتب الأمريكي دوجلاس ريد (ان رؤساء أمريكا ومن يعملون معهم ينحنون أمام الصهيونية كما لو كانوا ينحنون أمام ضريح له قداسته).

والصهيونية ليست وليدة القرن التاسع عشر نتيجة الاضطهاد الذي عانى منه اليهود كما يحلو القول للخورخين بل تضرب جذورها في أرض التوراة وقد أنبتها السبي البابلي في القرن السادس قبل الميلاد (على أنهار بابل هناك جلسنا، بكينا عندما تذكرنا صهيون إن نسيتك يا أورشليم تنس يميني، ليلتصق لساني بحنكي إن لم أذكرك إن لم أفضل أورشليم على أعظم فرحي. مزمور 127).

فتلك هي بذور الصهيونية يحملها العهد القديم يقول أحد الصهاينة الإنكليز (ان الصهيونية قديمة قدم أسر الشعب اليهودي وتدمير الهيكل من قبل نبوخذ نصر).

ويقول آخر: صهيون لم تكن مجرد أضغاث أحلام لقد كانت تحف بها قلوب اليهود من شتى بقاع العالم.

ومازال الوعد والإله القاطع للوعد والكتاب الحامل للوعد سلاح الصهيونية في كسب تأييد العالم الغربي ومناصرته لها بالسلام والدم والمال.

يقول موشي دايان (مادامت التوراة أم الكتب موجودة ومادام للتوراة شعب افلا ينبغي أن يكون لهذا الشعب أرض). وفي 19 آب 1967 يقول: لما كان عندنا كتاب التوراة ونحن أهل الكتاب يصبح لدينا أيضاً أرض التوراة. أرض القضاة والآباء في القدس والخليل وأريحا وجوارها). وفي تصريح آخر يقول: (ان سلسلة الجبال الواقعة غربي نهر الأردن تقع في صميم التاريخ اليهودي).

8- جذور الإختلال امتدت من العهد القديم من يهوه الذي قال (لنسلك أعطي هذه الأرض، تكوين 12/1) وتاريخ القبلية الهمجية اليهودية وقصص الفتك والإبادة التي نفذتها العشائر اليهودية بـإرادة واسم يهوه إلهها الخاص اعتبرت كتاباً مقدساً تتلى نصوصه في الكنائس والمدارس والجامعات لدى الغرب الذي تلبس ذلك الكتاب واعتبره الأساس (للعهد الجديد) فكانوا يهودا أكثر من اليهود في تآمرهم وتفنيدهم  وتنفيذ وعد يهوه المزعوم. لقد كان يهوه الوحيد من آلهة الشرق القديم يصدر أوامره بـإفناء أو تشريد الكنعانيين والاستيلاء على أراضيهم وأملاكهم وقد جعل أتباعه أصحاب الحق الأبدي في أرض كنعان. وقد بررت أسفار العهد القديم اغتصاب الأرض بالعنف والحرب والذبح.. بأن يهوه وعدهم بها ولن ينكث بوعده ولذا عليهم تجريد السيوف ليكونوا أدوات فتك بيد يهوه رب الجنود.

والسؤال لماذا لم يخسف يهوه الأرض بسكانها ويعطيها لهم مادام قد جعلها ميراثاً لهم، لماذا لم يدخلهم إليها مباشرة بعد خروجهم من مصر كي يستلموا الميراث الذي خصهم به ولماذا دامت معارك الإستيلاء ثلاث مائة سنة وكان قال لهم: (سأطرد من أمامكم الشعوب وأبيد الأمم) فكانت مذابح نيسان 1948 الإرهابية التي طبقها المستوطنون الصهاينة من ضمن مخططاتهم الرامية  لطرد السكان العرب وإبادتهم وهي مبررة فالرب يهوه أمرهم بذلك 9 نيسان 1948 مجزرة دير ياسين بقروا بطون الحوامل وطعنوا الشيوخ وفتكوا بالأطفال ولم ينج أحد.. نفس الأزمة لكل نشيد يمجد الفتك فقال قائد المجزرة (لولا انتصارنا في دير ياسين لم تقم دولة اسرائيل).

يقول قاسم الشواف ([17])، على لسان وليم زوكرمان رئيس تحرير (جيوش كرونيلا): ان أعضاء الأرغون مستعملين السلاح الأبيض والقنابل اليدوية قتلوا من دون أي سبب 254 عربياً من أصل 520 من سكان قرية دير ياسين ومعظم تلك الضحايا من النساء والأطفال أما الباقون فقد نقلوا إلى القدس حيث عرضوا في الشوارع ليبصق عليهم اليهود) وفي ص 442 نقلاً عن نيويورك هيراله تريبيون 10 نيسان 1948 نقرأ لأحد قادة الأرغون (يجب أن نقاتل وأن نستولي وأن نملك) هكذا كانت تتم عملية تنظيف القرى العربية من سكانها وهذا هو مخططهم للإستيلاء على الأرض (أرض الميعاد) بأن يجعلوا من الذعر جيشاً يطرد السكان الآمنين من أمامهم فكانت التحذيرات من مكبرات الصوت تجوب شوارع القدس تنشر الفزع والرعب.. (أهربوا من القدس لكي لا يكون مصيركم مصير دير ياسين).

فما يجري في فلسطين منذ عام 1920 مطابق لسلوك اليهود وأخلاقهم وأخلاق إلههم يهوه ففي الطيرة تموز 52 وأبو غوث أيلول 52 وكفر قاسم تشرين اول 56 وعكا حزيران 65 شهدت من المجازر والفظائع كجزء من الخطة الصهيونية للانتقام والبطش وقد نفذت أجهزة الدولة الخطة بفعالية كذلك حمامات الدم في غزة وخان يونس إبان العدوان الثلاثي 56 وحرب حزيران 67 وتتابع الإرهاب لإجلاء السكان العرب وماتزال الأخبار اليومية عن نسف البيوت وحرقها وطرد السكان لأجل تنظيف الأرض من سكانها لتغدو جاهزة لاستقبال مهاجرين جدد. هذا الحقد والنزوع للقتل يتلقنه الأطفال من العهد القديم بزرع الكراهية والحقد. يقول موشيه منوحن (ظل وقتاً طويلاً يعاني من روح الكراهية والعداء للشعوب خاصة عرب فلسطين، تلك الروح التي تم ترسيخها في قلوبنا الفتية وقد علمونا في الجمنازيوم بأن نكره العرب وأن نحتقرهم وفوق هذا كله أن نطردهم من (مولاديتنو) وطننا ومسقط رأسنا ومن (أرتسينو) أرضنا وديارنا إذ كانت بلادنا لابلادهم وأنه كان بوسعنا الاطلاع على التوراة في هذا الصدد) (مذكرات موشيه منوحن عن هجرته إلى فلسطين عام 1904) ([18]).

  كيف تم الإحتلال... والمجازر

9 نيسان 1948 مجزرة ديرياسين.

12 نيسان 1948 عملية ارهابية شرق الجليل.

21 نيسان 1948 عملية هجوم ارهابية ضد حيفا طرد 50 ألف فلسطيني وبعد ذلك سقطت المدينة بيد الصهيونية ([19]).

في 5/11/1948 تهجير سكان قرية عرقيت في الجليل الغربي.

15/11/1948 تهجير سكان قرية كفار فيرعام.

4/11/1949 طرد أهالي قرية كفار عنان بالقوة خارج الحدود وهدم الجيش البيوت.

28/11/1949 اعتقل 700 عربي في قرية كفار ياسر وألقوا خارج الحدود.

24/1/1950 طرد الجيش سكان قرية غبسي خارج الحدود.

7/7/1950 أخرج 2000 من العرب بالقوة من البلاد وهم سكان قرية مجدل عسقلان.

10/11/1950 طرد سكان 12 قرية عربية في وادي عارا.

أيلول 1952 طرد سكان قرية أم الفرج خارج الحدود ودمرت القرية.

29/10/1956 مذبحة كفر قاسم ذبح  الرجال والنساء والأطفال ([20]).

وهكذا طرد معظم الفلسطينيين من أراضيهم واحتلوها وأقاموا فيها دولة اسرائيل.. وبنفس الطريقة قامت مذابح (عين الزيتون - وصلاح الدين نيسان 1948).

وكذلك أحرقت القرى التي استولى عليها جيش الدفاع الصهيوني ففي عدوان 1967، شرد الآلاف من الفلسطينيين وهاجم الغوغاء أحياء القدس العربية 18/8/1968 واعتدوا على السكان العزّل وممتلكاتهم. وفي آذار 1968 جرى الاعتداء على مخيم الكرامة وعلى إربد بتاريخ 4 حزيران 1968 وعلى السلط بتاريخ 4 آب 1968...

هي تلك القاعدة التي أرساها (العهد القديم) ولذلك قال حكماء صهيون (إن التوراة والسيف أُنزلا من السماء سوية) وقال وايزمن في كتاب (التجربة والخطأ) إن اللجوء إلى العنف والإرهاب والاستعداد للتعاون مع الشر قوة لها فوائدها في تحقيق الوطن القومي اليهودي).

وقال مناحيم بيغن زعيم حزب حيروت في كتاب الثورة (أنا أُحارب إذن أنا موجود). يقول التوراة (فأعطى الرب اسرائيل جميع الأرض التي أقسم أن يعطيها لأبائهم فامتلكوها وسكنوا بها، يشوع 21/43).

لكن ليهوه شروط يذكرهم بها يشوع أولها عدم مخالطة الشعوب وعدم معاهدتهم (فلا تقطعوا عهد مع سكان هذه الأرض، تضاة 2/2) وعبادة يهوه وإبادة الشعوب وأهم شرط هو تدمير مظاهر العمران وإبادة الشعوب وذلك في القديم وحديثاً يقول موشيه منوحن 1904 الخطوات الأولى لا تعاملوا طبيب عربي، لا تشتروا من تاجر عربي أو بقال عربي أو بائع متجول عربي والشعار المهم هو (على اليهود أن يشتروا المنتوجات اليهودية فقط) وكان إذا صدف وأتى بائع متجول عربي لبيع بضاعته تحلق حوله المتعصبون الصهاينة وقلبوا عربته وداسوا بضاعته وسط إعجاب الجمهور الغوغائي (بالعمل القومي) حيث توارى رجال الشرطة كي يزعمون أنهم لم يروا شيئاً.

الصهاينة اليوم يعيدون على أرض فلسطين تاريخهم البدائي وسيرة ماضيهم الوحشي الغاشم فبن غوريون وعصبته مثلوا نفس الدور لأسلافهم على أرض فلسطين عندما كانوا قبيلة بدوية حوالي القرن الثاني عشر قبل الميلاد ثبتت معتقدات دينية غايتها الاستيلاء على أراضي الآخرين. ففي 14 - 15 آب 1952 هاجموا قرية قبية تحت جنح الظلام بـ 900 جندي مع المدافع والرشاشات والصواريخ والقذائف فدمروها وقتلوا كل من وقع بين أيديهم من رجال ونساء وأطفال وذبحوا حتى الحيوانات ([21])، وبنفس الإسلوب الذي قتلوا فيه ملك حشبون الذي استقبلهم وأسكنهم أرضه منذ آلاف السنين هكذا أوصاهم يهوه بالقتل والتدمير والابادة وكما فعل موسى عندما ذبحوا النيام في الخيام غدرا أربعة عشر ألف رجل.. فيهوه ينتشي برائحة الدم.. وفي 29 آب 1956 مذبحة قرية كفر قاسم وفي المساء وعند رجوع الرجال من حقولهم هاجموهم فقتلوهم جميعاً بعيداً عن القرية وكذلك فعلوا بقرية مخالين 28 - 29 آذار 1954 وكذلك غزة 8 شباط 1955 وخان يونس 21 آب والبطيحة 11 آب وقلقيلية 1956 والتوافيق في 1 شباط 1962 والسموع 12 آب 1966  وهناك مئات القرى التي أبيد سكانها أو شردوا وهدمت منازلهم ليقوم على انقاضها مستعمرات صهيونية جديدة.

لقد ظلت دويلة اليهود محصورة في بعض المرتفعات وهي بنت استيلاء عابر طارئ ولم تعمر أكثر من سبعين عاماً في عهدي داود وسليمان وقد كان تاريخ ملوك اسرائيل وملوك يهوذا تاريخ ولايتين صغيرتين بين شقي الرص تحركهما على التوالي سوريا ثم بابل من الشمال ومصر من الجنوب وهي قصة نكبات. قصة ملوك برابرة يحكمون شعباً من البرابرة حتى سنة 721 ق. م حين محت يد الأسر الآشوري مملكة اسرائيل من الوجود وزال شعبها من التاريخ زوالا تاما وظلت مملكة يهوذا تكافح حتى اسقطها البابليون سنة 586ق. م وهذه المملكة العبرانية من بدايتها إلى نهايتها مجرد حدث صغير على هامش أحداث تاريخ مصر وسوريا وآشور وفينيقيا إذن فجذور الاحتلال انطلقت من اللحظة التي شتتهم الآشوريون ثم البابليون فراحوا يحلمون بالعودة إلى أرض الميعاد. هذه الأحلام جعلها كتبة العهد القديم نبوءات بأن يهوه سينقذهم من عذاب الأسر وذل النفي ويعيدهم إلى أرض الميعاد. وترسخت في أذهانهم فكرة المسيح المخلص الذي يأتي وينقذهم مما صاروا فيه من الذل والهوان ويعيد لهم مجد داود وسليمان ويكون من نسل داود مملكته في الدنيا يخضع الشعوب لسيطرتهم ويضع أقدامهم فوق رقاب الأمم. وقال النبي أشعيا (يكون في ذلك اليوم أن السيد يعيد يده ثانية ليقتني بقية شعبه. التي بقيت من آشور ومن مصر ومن فتروس ومن كوش ومن عيلام ومن شنعار ومن حماة ومن جزائر الأمم ويرفع راية للأمم يجمع منفيي اسرائيل ويضم مشتتي يهوذا من أربعة أطراف الأرض وينقضان على أكتاف الفلسطينيين غرباً وينهبون بني المشرق معاً ويكون على أدوم ومؤاب امتداد يدهما وينعمون في طاعتهما 11/10) هو الحلم النبوءة بالانقضاض والنهب واخضاع الشعوب التي قهرتهم وأذلتهم وقذفت بهم خارج تخومها حين رأتهم يصلون الشعوب بنار الحقد والكراهية.

وحديثاً يقول بن غوريون (إن ماخلق دولة اسرائيل هو رؤيا الخلاص المسيحي المنتظر لدى شعب مشتت في سائر أنحاء العالم ولكن الدولة لم تحقق الرؤيا بعد) ([22]).

ففي تموز 1957 دعا بن غوريون إلى مؤتمر عقائدي بالقدس معلناً أن الأمل في الخلاص من التشتت يؤلف إيمان اسرائيل وأن مجيء المسيح المنتظر هي مرتكز قاعدة الإيمان اليهودي وقال: إن فكرة العودة إلى صهيون واحياء الدولة اليهودية ليست من اختراع بنسكر أو هرتزل لأن الرؤيا والأمل بعمر الغربة، وجل مافعلته الصهيونية هو محاولة ارساء هذه الفكرة القديمة في حياة الشعب اليهودي([23]).

يقول حزقيال النبي: (كما يفتقد الراعي قطيعه يوم يكون في وسط غنمه المشتتة هكذا افتقد غنمي وأخلصها من جميع الأماكن التي تشتت إليها وأخرجها من الشعوب وأجمعها من الأراضي وآتي بها إلى أرضها وأرعاها على جبال اسرائيل وأقيم عليها، راعيا واحدا فيرعاها عبدي داود. هو يرعاها، وهو يكون لها راعياً وأنا يهوه أكون لهم إلهاً وعبدي داود رئيساً في وسطهم 24/12).

إن فكرة مجيء مخلص دعوة سياسية آمنوا بها كباعث على التحرر من وطأة السبي واستعباد الشعوب لهم وكمنطلق ديني يجمع اليهود بـإسم الشريعة وطقوسها وذبائحها وأنظمتها ليعيدوا بناء مجد تخيلوا أنه كان لهم أيام داود وسليمان وهكذا وضعت خطة الرجوع إلى فلسطين وبناء الهيكل في أورشليم ليكون عرشاً للمسيح المنتظر وهذا ما نقرأه لأن من تصرفات ميللر زعيم طائفة (المسيحيون القلقون) في خطة وقحة وتطور خطير لتلك الطائفة التي وصلت طلائعها القدس واعتزالها هدم المسجد الأقصى والانتحار داخل ساحته يوم 18 آب 1999 وهو السيناريو الذي تأمل اسرائيل تحقيقة ([24]).

يقول يهوه (ها إني أرفع إلى الأمم يدي وإلى الشعوب أقيم رايتي فيأتون بأولادك في الأحضان وبناتك على الأكتاف يحملن يكون الملوك حاضنيك وسيداتهم مرضعاتك. بالوجوه الى الأرض يسجدون لك ويلحسون غبار رجليك)، اشعيا 49/22).

(وفي أشعيا 60/10: وبنو الغريب يبنون أسوارك وملوكهم يخدمونك، تنفتح أبوابك دائماً ليؤتي اليك بغنى الأمم وتقاد ملوكهم) جاء.. (ترضعون وعلى الأيدي تحملون وعلى الركبتين تدللون. أشعيا 66/22).

ولقد ظل أمل العودة إلى فلسطين دائم الإتقاد بهذه التنبؤات كظاهرة ورع روحية مقدسة فالنصوص التورانية حضرت وتنبأت بمسيح يأتي ليحمل مشاكل اليهود السياسية ويبني لهم مملكة أرضية ولقد لفق كتبة العهد القديم تاريخهم بمهارة بحيث يكون عوناً لهم في تحقيق أهوائهم ونزعاتهم ونسبوا كل شيء إلى الرب عبر أنبيائهم الكثر.

يقول النبي حزقيال (أرض عنكم حين أخرجكم من بين الشعوب وأجمعكم من الأراضي التي تفرقتم فيها وأتقدس فيكم أمام عيون الأمم فتعلمون أني أنا الرب حين آتي بكم إلى أرض اسرائيل. إلى الأرض التي رفعت يدي لأعطي آباءكم إياها 20/41).

وأما النبي عاموس فيقول: في ذلك اليوم أقيم مظلة داود الساقطة وأحصن شقوقها وأقيم روحها وأبنيها كأيام الدهر لكي يرثوا بقية أدوم وجميع الأمم وأرد سبي شعبي وأغرسهم في أرضهم ولن يقلعوا بعد من أرضهم التي أعطيتها قال يهوه إلهك 9/11).

وأما النبي ميخا فيقول: (وإني أجمع جميعك يا يعقوب أضم بقية اسرائيل 2/12).

ويقول النبي زكريا: هكذا قال رب الجنود  هأنذا أخلص شعبي من أرض المشرق ومن أرض مغرب الشمس وآتي بهم فيسكنون في وسط أورشليم ويكونون في شعباً وأنا أكون لهم إلهاً8/7).

هي النبوءات الحلم والرؤس المجسدة منذ السبي الآشوري والبابلي وتطلعاتهم إلى يوم العودة إلى صهيون والهيكل وأرض العسل واللبن.. وباتت رؤيا الخلاص بواعث قوية للتكتل بشحذ العزائم للعودة إلى أرض الرب ومهد الأنبياء وهاهي الصهيونية القائمة في جذور الديانة اليهودية المتجسدة بالحركة الصهيونية، يقول بن غوريون 1967 (لقد آمنا طوال آلاف السنين بنبوءات أنبيائنا وبيننا أشخاص يؤمنون بمجيء المسيح الذي سيجمع يهود العالم أمواتاً وأحياءاً في الأرض المقدسة). وقال: ان الصهيونية تستمد وجودها وهويتها وقوتها من مصدر عميق عاطفي دائم وهو مستقل عن الزمان والمكان وقديم قدم الشعب اليهودي ذاته هذا المصدر هو الوعد الإلهي والأمل بالعودة).

نفهم من كلام بن غوريون أن الحركة الصهيونية أرست دولة اسرائيل في أرض فلسطين إيماناً منها بتنبؤات  العهد القديم وماتزال الصهيونية العالمية تضغط على الدول التي تتمتع فيها بنفوذ واسع (أمريكا) لمساندة اسرائيل سياسياً واقتصادياً وعسكرياً لمواصلة تحقيق النبؤات التي حملت اليهودي بعد ألفي سنة من التشتت على تسخير القوى للعودة إلى الأرض المحددة بالعهد القديم لإعادة تاريخه القديم عليها وسيرته الماضية فكانت اسرائيل تجسيداً للرؤى التوراتية والتنبؤات الدينية التي حضنها اليهود آلاف السنين.

وفي عام 1927 جاء في مجلس الحاخامين الأعلى:

1- ان أرضنا المقدسة قد منحت لنامن قبل سيد الكون عن طريق ميثاق أبدي لكي نمارس في هذه الأرض قوانين وتعاليم التوراة ولكي نحيا بروح التوراة وهكذا يرتبط الشعب اليهودي إلى الأبد بهذه الأرض بكل خلجات نفسه

2- ولما كنا قد طردنا من أرضنا لما ارتكبناه من خطايا فإن الله قد وعدنا عن طريق أنبيائه المقدسين أنه سوف يحررنا مرة أخرى عن طريق المسيا وأن الإيمان بهذا الوعد هو أحد. المبادئ الأساسية للعقيدة اليهودية.

3- وهكذا فإن حق الأمة اليهودية في أرضها المقدسة تمتد جذوره إلى توراتنا المقدسة وفي الضمانات التي أعطاها الأنبياء كرسل للرب.

وقال الحاخام الأكبر لليهود في برقية لدايان: (ان وجود اسرائيل في المناطق الجديدة هو تحقيق لأحلام السلف من شعبنا) ويقول آلون: (ان الجولان قطعة من اسرائيل القديمة لاتقل أهمية عن الخليل ونابلس).

ويؤكد زعماء اسرائيل أن استيلاءهم على الأراضي المحتلة إنما هو تحقيق لما جاء في أسفار العهد القديم. وبن غوريون يعتبر الصهيوني هو اليهودي الذي يريد العودة إلى جبل صهيون وأيا كان فهو في المنفى حتى يعود وفي محاضرة له يقول: ان ماربط بين اليهود هو رؤيا العودة والإيمان بالخلاص الذي هو في العودة إلى جبل صهيون حيث أقام داود معبده الأول ومن لايعود ليس صهيونياً بالتأكيد).

وفي خطاب له في 7 حزيران 1949 يقول: (سنحقق رؤيا أنبياء اسرائيل والشعب اليهودي سيعود إلى الإستيطان في أراضي الآباء والأجداد الممتدة من الفرات شرقاً إلى النيل غرباً).

والشعار هو (الشعب الذي لا أرض له للأرض التي لاشعب فيها). موهمين العالم بأن فلسطين أرض خالية تنتظر عودة اليهود ليتسلموا قسمة يهوه لهم والميراث الذي وعدهم به).

قال وايزمن في مذكراته ص 72 (السبيل الوحيد لتحقيق الوطن القومي لليهود هو ضم دونم من الأرض إلى دونم آخر (بقرة إلى بقرة ومزرعة إلى مزرعة).

وقالت غولدا مئير 24 آذار 1971: (إن المنطقة بين المتوسط والعراق لا تتسع إلا لدولتين) وكان الأحرى بها القول لا تتسع إلا لدولة واحدة تمشياً مع إرادة الرب يهوه. يقول المطران يوسف الدبس: (وظلوا طوال فترة احتلالهم مرتفعات فلسطين شعباً مغموراً تشغله المناوشات المستمرة بينهم وبين الفلسطينيين والمذابيين وأهل مديان وغيرهم من أصحاب الأرض ومنذ أنقسامهم إلى أيام السبي عاشوا خاضعين لنفوذ الفلسطينيين وملوك مصر ودمشق وبابل) ولم يكن لليهود أي تاريخ فقد عاشوا أطراف الممالك الكبيرة وعلى فتات موائد الأمم الحضارية فنما في نفوسهم داء الحقد الوبيل على حضارة الأمم والحسد البغيض على عظمتها ولذلك عملوا بمساعدة إلههم يهوه على تحطيم الحضارات وإبادة الأمم ليقيموا ملكاً لهم وعرشاً ليهوه في أراضي الآخرين.

ومما يجدر ذكره أن ملوك فلسطين في تلك الحقبة بلغوا خمسين ملكاً فلا غرو أن يطلق على داود وسليمان ملك وبالمقارنة للوضع التاريخي للعرب في فلسطين مع غيرهم نجد أن امتلاك العرب فلسطين ابتدأ قبل خمسة آلاف عام دون انقطاع حتى يومنا هذا وهو أقوى امتلاك على ظهر الأرض ولم تكن أرض فلسطين في يوم من الايام أرض لإسرائيل إلا في كتابهم وبوثيقة من يهواه فهي أرض غربة لإبراهيم واسحق ويعقوب وآلهم بعدهم وهم مغتربون بين الكنعانيين والفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين وكتاب التوراة لايطلق على الأرض غير اسم واحد (أرض كنعان) وفي كل الأسفار (أنا يهوه الهكم الذي أخرجكم من أرض مصر ليعطيكم أرض كنعان، لاوبين 25/28) ويصبح الوعد الملفق مقدساً في كتاب مقدس يضلل الشعوب ويجر العالم إلى هاوية المحن والكوارث وماتزال القوى الغاشمة في أوروبا وأمريكا تساعدهم بضلالهم وغيهم.. وبن غوريون بني الصهيونية الثاني بعد هرتزل ليقول في رسالة إلى ديغول (ان هذا البلد فلسطين لم يكن في أية حقبة من تاريخه الوطن الأوحد لأي شعب آخر غير الشعب اليهودي) ([25]).

والتوراة ذاتها تدحض هذه الأباطيل فكيف يبدأ التاريخ مع اليهود على أرض فلسطين وكيف يصبح هذا الادعاء حقيقة يهودية يجاريهم في ذلك مسيحيوا الغرب وتزعم التوراة أن اليهود كسروا 21 ملكاً، يشوع 12/1 في عملية الاستيلاء على بعض التلال في فلسطين فكيف وأين ذهبت صلواتهم وقوانينهم وعمرانهم ومدنهم العامرة التي وعد يهوه تابعيه بتمليكها لهم - والمكتشفات تثبت أن الفلسطينيين والكنعانيين عمروا المساكن بالحجر وبنوا المدن منذ الألف الثامن قبل الميلاد والشاهد مدينة أريحا المحاطة بالأسوار منذ 7000 سنةق.م ولقد كتب هيرودقس قبل المسيح بخمسة قرون (ويعرف هذا الجزء من سوريا بـإسم فلسطين) وفي سفر القضاة يقول (وبنو بنيامين لم يطردوا اليبوسيين سكان أورشليم، فسكن اليبوسيون مع بني بنيامين في أورشليم الى هذا اليوم 1/21).

وحتى داود ملك الملوك لم يدخل أورشليم (جاء جميع شيوخ اسرائيل إلى الملك حبرون فقطع داود معهم عهدا في حبرون أمام الرب ومسحوا داود ملكا على اسرائيل وذهب داود وكل اسرائيل إلى أورشليم أي يبوس وهناك اليبوسيون سكان الأرض وقال سكان يبوس (أورشليم) لداود لا تدخل إلى هنا فأخذ داود حصن صهيون وهي مدينة داود وقال داود: إن الذي يضرب اليبوسيين أولاً يكون رأساً وقائداً اخبارا 11/2) فلا يستطيع أحد أن يقول أن (أرض الميعاد) كانت يوماً في قبضة العبرانيين ففي أسفار التوراة نجد الفلسطينيين مستمسكين بملكية أراضي الجنوب الواطئة الخصبة كما نجد الكنعانيين والفينيقيين صامدين في الشمال ([26])، ويقول المؤرخ روبنسن ([27]): إنها سخرية عجيبة من سخريات القدر ان كتب على لفظة فلسطين أن تكون مرادفة لكلمة بربري وقد نشأ الاستخدام اللفظي لأن تاريخ أيامهم وصل إلينا عن طريق الاسرائيليين).

يقول دين ستانلي المؤرخ: وما جنس الكنعانيين الملعون حسب ما جاء في أسفار العهد القديم إلا ذلك الجنس عينه الذي كنا نتطلع إليه عبر القرون من بلاد اليونان بإعتباره أباً للكتابة والتجارة والحضارة ([28]).

وقد حدد بن غوريون خطوط الكيان الصهيوني الغاصب المحتل 1950 يوم التقى هرتزل فقال (فليفهم الجميع أن اسرائيل قامت بقوة الحرب وأنها لن تقنع بحدودها وان الامبراطورية الاسرائيلية سوف تمتد من النيل إلى الفرات) ([29]).

وقد خطب بن غوريون في الضباط اليهود في 7 حزيران 1949 فقال: (نحن لم نحرر من بلادنا سوى جزء واحد وإننا ننتظر الوقت الذي يتم فيه انقاذ أرض الآباء والأجداد سنحقق رؤيا أنبياء اسرائيل) وفي 9 آذار 1964 صرح لجريدة هابوكر فقال: (ان حدود الدولة اليهودية كان من الممكن أن تكون أبعد وأوسع مما هي عليه لو كان الجنرال موشيه دايان رئيساً للأركان العامة أثناء حرب 1948 ضد العرب في فلسطين ورد عليه ايغال آلون رئيس الأركان أثناء حرب 1948 فقال (لولم يطلب بن غوريون إيقاف اطلاق النار بصفته رئيساً للحكومة ووزيراً للدفاع لكانت قواتنا أكملت زحفها لتحقيق النصر باحتلال الليطاني في الشمال وصحراء سيناء في الجنوب الغربي ولاستطعنا بعد أيام من متابعة القتال تحرير أرض وطننا بأكمله).

ويقول بن غوريون (العالم كله، العالم المسيحي وكل العالم اليهودي يعتبر أن ضفتي الأردن تؤلفان فلسطين واحدة لا تتجزأ).

ولقد صرح ليفي أشكول (رئيس وزراء اسرائيل) في باريس 1964 لجريدة لوموند الفرنسية بقوله: (ان الأرض التي تملكها دولة اسرائيل لا تغطي في الحقيقة سوى 20% من فلسطين التاريخية).

وبعد حرب 5 حزيران 1967 انعكست نشوة النصر على أفواه الصهاينة فقال الحاخام الأكبر: (أرض اسرائيل هي ميراث مقدس لدى كل يهودي) وأما السلطات الصهيونية فراحت تمسح الأرض التي احتلتها عام 1967 مدعية تعيين المواقع التاريخية القديمة ولتطبل وتزمر بأن علماء الآثار وجدوا أكثر من ألف موقع لم تكن معروفة قبلاً وأما خارطة مملكة اسرائيل التوراتية يجري رسمها من جدية بعد المسح في جبال الجليل والسامرة ومرتفعات الجولان) ([30]).

وهكذا يضفون طابع الشرعية والقداسة والحق التاريخي على توسعاتهم وأهدافهم المستقبلية لجعل اسرائيل من الفرات إلى النيل. وبعد حرب 1967 يقول وزير الشؤون الدينية (ها قد عدنا إلى أرضنا ومن الآن إلى الأبد).

وقال إيفال آلون (جاء اليهود إلى البلاد لكي يستردوا الأرض التي يعتقدون أنها كانت أرض آبائهم، الأرض التي وعد الله لهم ولذراريهم في العهد القديم المبرم  قبل آلاف السنين بين الله وبين ابراهيم) ([31]).

فهل نسي العالم أو تناسى عن سابقة قصد وتصميم  أن شعب فلسطين العريق في القدم والعريق في الحضارة هو الذي عمّر فلسطين قبل أن يظهر اليهود على مسرح الوجود، فعندما جاء ابراهيم الجد متغرباً في فلسطين كان شعب كنعان قد أقام المدن وشيّد المعابد والهياكل وتطلع إلى الله وبنى مدارس الفكر والفن ونظم الحياة الإجتماعية وأوجد القوانين واستغل موارد الطبيعة، وهل نسي العالم أن أرض مابين النهرين وسوريا ومصر هي مهد لأقدم حضارة انسانية. وفلسطين هي الجزء الجنوبي من سوريا كما عرفها هيرودش منذ القرن الخامس ق. م ويقول كلودشايفر أحد كبار المؤرخين في محاضرة له بباريس: (كل انسان متمدن في العالم يجب أن يكون له وطنان الأول موطن ولادته والثاني سوريا لأن سوريا هي منهل المعرفة الإنساينة للشرق والغرب) ([32]).

فالحركة الصهيونية والتي تعتبر من أقدر الحركات على استغلال جهل الشعب وسطحيته استطاع الصهاينة فيها إيهام الناس بمسألة اختيار الله لهم وكانت تصريحات الصهاينة المشفوعة بآيات الكتاب المقدس وأقوال الأنبياء ومعجزات القديسين تنفث السموم القاتلة لتشل العقول.

يقول موشي دايان مخاطباً الشعب اليهودي من إذاعة اسرائيل في 12 شباط 1952: (على الشعب أن يتهيأ للحرب وعلى الجيش الاسرائيلي أن يقوم بالقتال وهدفه الأسمى هو بناء الامبراطورية الإسرائيلية).

وبعد حرب حزيران واحتلال الضفة الغربية للأردن وسيناء والجولان أعلن السفير الإسرائيلي في فرنسا: (ان اسرائيل لم تأخذ شيئاً يخص شخصاً آخر) ([33])، لأن هذه الأرض من ضمن ماخططه يهوه في العهد القديم.

ولقد استغلت الصهيونية العاطفة الدينية لدى الغرب خاصة البروتستانت وذلك لأن البروتستانتية تدعو أتباعها إلى العودة إلى التوراة حيث صار تاريخ فلسطين الذي يعرفونه هو تاريخ اليهود في فلسطين ويساعد على ذلك كتب التاريخ القديم المتداولة والتي تساعد في بث هذه الأفكار وتثبيتها في العقول. هذا وان كتاب (العصور القديمة) للمؤرخ هنري برستد لم يشر إلى الكنعانيين أهل فلسطين إلا عرضاً أثناء حديثة عن مجيء اليهود إلى فلسطين وقد أفرد أربعة فصول للحديث عن الغزاة اليهود الذين قضوا أكثر من قرنين في احتلال بعض جبال فلسطين ولم يدم ملكهم الذي أقاموه في هذه الأرض أكثر من قرنين ونصف في حين لم يتحدث عن الكنعانيين وحضارتهم التي دامت أكثر من 1500 سنة سوى بفضل واحد فقال (في ذلك الحين أي عند مجيء اليهود كان لدى المدن الفلسطينية التي لم تقهر حضارة عمرها 1500 سنة تضم بيوتاً مريحة وحكومة وصناعات وتجارة وكتابة وديانة وحضارة أسرع الرعاة العبرانيون المتخلفون إلى اقتباسها ([34]).

هو الاحتلال الصهيوني الذي يسخر الآلهة ويحور ويبدل كل شيء لصالحه ومصلحته وبكل السبل.

9- ان الصهيونية هي ذريعة الاستعمار التي أوجدها وغرسها في فلسطين لتحقيق رغباته، ولقد حددت الحركة الصهيونية دور ووظيفة الكيان الصهيوني قبل ولادة هذا الكيان بأكثر من خمسين سنة، ففي كتاب هرتزل (الدولة اليهودية) اعتبر أن سائر يهود العالم يشكلون عناصر غريبة في مجتمعاتهم وأن لهم قومية خاصة ومن أجل حل مشاكلهم يجب تهجيرهم إلى منطقة خاصة ولتحقيق هذا الهدف طالب اليهود الأغنياء والفقراء بالوقوف إلى جانب الأقوياء والجبابرة في العالم لأنهم وحدهم القادرون على المساعدة في تشييد الدولة اليهودية وحدد هرتزل وظيفة الكيان الصهيوني في كتابه بقوله (نبني من أجل أوربا مخفراً أمامياً في فلسطين للوقوف ضد آسيا وسيكون هذا المخفر طليعة العالم المتمدن ضد البربرية) وذكر أن هذا الكيان سيشكل الجدار الفاصل بين العرب في آسيا والعرب في شمال افريقيا ووضع المرتكزات الأساسية :

1- تنظيم اليهود في سائر دول العالم وربطهم بالحركة الصهيونية.

2- تهجير اليهود إلى فلسطين واستعمارها.

3- طرد العرب من أراضيهم والتوسع على حسابها.

4- العمل في خدمة مصالح الاستعمار الغربي في منطقة الشرق الأوسط والعالم ولأجل تحقيق هدف ووظيفة الكيان الصهيوني عملت السياسة الاسرائيلية منذ عام 1948 وحتى منتصف الثمانينات على انجاز المهام الرئيسة لها والتي حددت كالتالي :

  

أ - في السياسة الخارجية:

1- إدعاء تمثيل يهود العالم والسعي لتهجيرهم إلى فلسطين.

2- تطوير العلاقات مع دول العالم خاصة أمريكا.

3- تأمين الخيار السياسي لاستخدام القوة العسكرية عند الحاجة.

4- الدعوة للتفاوض مع كل دولة من الدول العربية المجاورة دون شرط.

5- الوقوف في وجه بناء شخصية مستقلة للشعب الفلسطيني.

  

  

ب - في السياسة الداخلية:

1- بناء القوات المسلحة القادرة على شن الحرب الخاطفة ضد الدول العربية المجاورة والتمسك بالأرض المحتلة.

2- تطوير الاستيطان في الأراضي العربية المحتلة.

3- إقامة قاعدة لصناعات عسكرية متطورة.

وخلال الحرب العالمية الثانية تقلص ظل بريطانيا فتوجه الصهاينة إلى أمريكا فرموا بظلهم الاقتصادي والسياسي في خضم المجتمع الأمريكي بكل ما يحمله من أمراض فكرية وانحرافات سموها عقائد فأخذ بها الشعب الأمريكي واعتبرها الدين الصحيح والمعتقد القديم حتى باتت أمريكا قاعدة لتصدير الجمعيات والطوائف (الماسونية - والسينية والانجيلية وحركة المتجددين..) وكلها تسير في ركاب الصهيونية وتخدم أهدافها سالكة ميدان الثقافة والاعلام حتى أصبح الرأي العام الأمريكي ينطلق من قاعدة صهيونية في الفكر والدين والسياسة وصار الأمريكيون دمى متحركة في أصابع الصهيونية كما صرح بذلك السناتور وليم اغنر 1955 (لقد تمكنت الحكومة الخفية (الصهيونية) من أن تكون لها رقابة كاملة على الصحف والإذاعة والتلفزيون والمسرح والسينما وكثير من المؤسسات التي تؤثر على الرأي العام الأمريكي بما في ذلك الكنائس المسيحية).

وجمعية التوراة التابعة لرزرفورد ضمت 1950 ثلاثة ملايين نسمة في العالم مبشرين ولها مجلة (برج المراقبة) بست وستين لغة يطبع منها أربعة ملايين نسخة كذلك مجلة استيقظ يطبع منها أربعة ملايين نسخة بخمس وعشرين لغة.

وهاهو ميللر زعيم طائفة (المسيحيون القلقون) يدعي أنه سيخلي الطريق أمام السيد المسيح لدخول القدس أواخر 1999 كي يبين الهيكل.

 

الأهداف المعلنة للحركة الصهيونية:

1- إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين يلبي أعمق رغبات اليهود في جميع أنحاء العالم ولقد ثبت وبعد  مرور أكثر من 81 عام على وعد بلفور وأكثر من 51 عام على اعلان الدويلة المسخ  أن الغالبية العظمى من يهود العالم غير راغبة في العيش في هذا الوطن، وإذا كانت الصهيونية قد وصفت عملية إقامة الدولة اليهودية بأنها عملية انبعاث قومي فإن هذه الصفة تسقط لدى وضعها أمام النتائج الحقيقية لقيام الكيان الصهيوني، حيث أن اليهودي خارج فلسطين يتمتع بمستويات ثقافية ومادية وحياتية تفضل مئات المرات من هم داخل فلسطين.

2- الهدف الثاني المعلن هو توفير ملجأ أمين لليهود المضطهدين وإن أمريكا تضم أكبر جالية تبلغ حوالي 6 ملايين فهل بإمكان الصهيونية حال تعرضهم لعملية اضطهاد شامل من قبل أمريكا أن تقدم لهم أي شيء. لأن مجرد نقل هؤلاء إلى فلسطين يتطلب من أمريكا وضع كل وسائل مواصلاتها تحت تصرفهم لنقلهم. ثم إذا كان كل الكيان الصهيوني يتعيش تعيشاً طفيلياً على مساعدة أمريكا فهل يضمن الكيان الصهيوني إطعام هؤلاء اللاجئين إليه من اضطهاد أمريكا حتى ولو بالخبز وان التاريخ يدحض مثل هذا الإدعاء فحتى عندما تعرض اليهود للإضطهاد في المانيا كانت النازية المتعاونة مع الصهيونية تعوض على اليهود الذين يقبلون النزوح إلى فلسطين وتدفع لهم ثمن ممتلكاتهم بينما تحرم الباقين من هذا الامتياز. وبالرغم من ذلك فإن الكثيرين من اليهود الألمان لم يهاجروا إلى فلسطين وحتى هؤلاء الذين هاجروا من الاتحاد السوفياتي لم ينهوا الطريق إلى فلسطين بل تساقطوا في فيينا وبروكسل وروما وفضلوا العيش في أمريكا أو أي مكان آخر غير اسرائيل وان نسبة ارتدادهم بلغت 80% من مجموع مهاجري الاتحاد السوفياتي.

إن الوجود الصهيوني على الأرض العربية في فلسطين هو وجود وظيفي مرهون بأداء وظيفة محددة وهي استنزاف طاقات ذلك الجزء من الأمة العربية، والوجود الصهيوني لايمكنه القيام بذلك الدور إلا باتخاذ الطابع العسكري له لهدر الموارد التي يمتلكها ذلك الجزء من الوطن العربي الذي زرع في وسطه الكيان الصهيوني والذي يتميز بامتلاكه الامكانات البشرية الأكثف والأقدر على صنع الحضارة والذي يشكل تهديداً لاستمرار عملية النهب في الأجزاء المحيطة بهذين القطرين (سوريا الطبيعية ومصر) ولذا اعتمد استنزاف طاقات هذين القطرين بزرع وجود استنزافي غايته منع الجهود والموارد من النمو والتقدم...

 وإن معادلة الاستعمار كانت دوما منع الاجتياح السطحى للرمال أي منع مزاوجة الكثافة السكانية البشرية الأقدر على صنع الحضارة في الوطن العربي مع النصف الثاني من الوطن العربي الأشد غنى والأقل كثافة بشرية والأقل قدرة على صنع الحضارة والذي ينتج عنه وحدة عربية تملك الرجال والمال ومقومات النمو والاستمرار أي بلغة الاستعمار حرمانه من العصب الذي يبني عليه حضارته. والتي تعني وقف عملية النهب للوطن العربي التي لولاها لما تمتع الرجل الأبيض الغربي بمستوى حياة تفوق عدة أضعاف مستوى حياة الانسان العربي صاحب الأرض والثروة الحقيقي.

فالوجود الصهيوني هو وجود عسكري بحت وكأي جهاز عسكري فإن شرط الوجود يكمن بالخارج وليس بالذات، فشرط الوجود هو شرط أداء المهمة المحددة بشروط معينة لصالح قوى أخرى، فعندما استعصى على الاستعماريين الأوربيين استعمار فلسطين واستيطانها بقوى بشرية مسيحية أوروبية لافتقار فلسطين إلى الغنى (عنصر الجذب) الذي تميزت به روديسيا وجنوب افريقيا قاموا بابتداع الحركة الصهيونية لتجند (وبمساعدة الاستعمار الغربي) الجماهير اليهودية وتستجلبها إلى فلسطين تحت ستار الإيديولوجية الدينية وهي العودة إلى أرض الميعاد.

وبالرغم من نضال قرن كامل فلم تستطع القوى الاستعمارية ولا الحركة الصهيونية رفع أعداد اليهود في فلسطين عام 1947 إلى أكثر من 620 ألف نسمة بما فيهم اليهود الأصليون علاوة على مئة طفل يتيم من المياتم الأنجليكانية.

 وبعد قيام الكيان الصهيوني لم تكن الحركة الصهيونية هي من ابتاعت الجالية اليهودية من إمام اليمن ولا الجالية العراقية من نوري السعيد وإنما من ارتهن الوجود الصهيوني بهم (بريطانيا وأمريكا) وكذلك فإن اليهود الخارجين من دول شرقي أوروبا في العشرينات والثلاثينات والأربعينات لم تقم الحركة الصهيونية بجلبهم إلى فلسطين ولم يأتوا مدفوعين بالعقيدة الصهيونية وحركة انبعاث الشعب اليهودي ولا حماسة (الطلائعية والريادة) وإنما قام بدفعهم إلى فلسطين إصدار قوانين الهجرة في أمريكا عام 1921 - 1924 والتي منعت يهود شرقي اوروبا من دخول الولايات المتحدة تماما كما تحاول السلطات الصهيونية بالتواطؤ مع الامبريالية منع منظمتي جونيشه وهيامس اليهوديتين من تهجير اليهود السوفيتية إلى أمريكا ودفعهم للهجرة قسراً إلى فلسطين فالغرض من وجود الكيان الصهيوني على أرض فلسطين هو تخريب عملية النمو والتقدم وإن وجود الشعب الفلسطيني أو عدم وجوده لا يلغي عملية الصراع بين القوى الوطنية العربية والوجود الصهيوني لأن عملية التقدم الإجتماعي والاقتصادي هي المستهدفة من وراء وجود الكيان الصهيوني ولا يستطيع هذا لكيان وقف حربه ضدها لأنه بذلك يفقد مبرر وجوده. فلقد اوجد الكيان الصهيوني ليكون مشكلة عربية داخلية وإذا لم يكن كذلك فإن القوس التي أوجدته تقوم بسحبه من ساحة الصراع وخروجها منها إذا لم تجد حصاناً آخر تراهن عليه أو أنها تخلع القناع المزيّف لتخوض معاركها بنفسها وهذا مستبعد خاصة وأن هناك من لايزال يذكر بعقدة فيتنام ويتعظ بثورة ايران ولأن الصهيونية ومن بعدها اسرائيل تدرك حقيقة دورها المناط بها القيام به ومدى ارتباطها مصيرياً بأدائه فإنها أعدت وتعد نفسها لأدائه بشكل مستمر معتمدة على توفير الشروط والأسباب الخارجية والذاتية لتصل إلى هدفها.

الصهيوني يوئيل ماركوس كتب (ان الجيش الاسرائيلي بقوته المطلقة لا النسبية هو خط الدفاع الأول عن المصالح الأمريكية في حوض البحر المتوسط أكثر من معظم دول حلف الأطلسي) فكون قوة اسرائيل مطلقة لانسبية شرط من شروط أداء اسرائيل لو ظيفتها، وان القوة النسبية هي القوة الكافية لرد هجوم خارجي بحد أدنى من التكاليف، غير أن ذلك يحرمها دورها الخاص لذلك يجب أن تمتلك قوة مطلقة أي القدر من القوة الذي يمكنها ضرب جميع القوى الموجودة في الساحة مجتمعة ومنفردة في آن واحد.

10- ان استراتيجية الحركة الصهيونية واسرائيل تجاه المنطقة العربية والحزام المحيط بها هي استراتيجية العدوان والتوسع المستمرين وهي جزء لايتجزأ من الاستراتيجية العامة للإمبريالية الأمريكية والعالمية في الشرق الأوسط وهي تجسد الأطماع التوسعية والنزعة العدوانية والطبيعة العنصرية للحركة، الصهيونية كما تجد الدور الوظيفي للكيان الصهيوني كمصلحة أمريكية في الشرق الأوسط وكأداة لتنفيذ أغراض الامبريالية ومخططاتها في منطقتنا بالنهب الإحتكاري لثروات المنطقة النفطية ولضرب حركة التحرر الوطني العربية ولقطع الطريق على طموحات الجماهير العربية الوطنية والقومية واشغال البلاد العربية وعرقلة تقدمها ووحدتها وإبقائها مختلفة ممزقة وعدم السماح بتوفير الظروف التي تمكنها من استعادة عافيتها وتكريس مواردها وثرواتها لصالح شعبها والنهوض الإجتماعي والاقتصادي. وكذلك كبح ولجم محاولات التغيير بفرض الاستسلام على البلاد العربية واخضاعها طلباً للهيمنة الامبريالية.. وبمعرفة الداء يعرف الدواء فعند التحدث عن مبادئ العقيدة العسكرية الإسرائيلية فإن بدأ المبادرة يكون في رأس القائمة (زمان ومكان الحرب) وهذا لا يشير إلى أن الكيان الصهيوني يتعرض لتهديد خارجي، كذلك تخلو العقيدة العسكرية الاسرائيلية، من أي مبدأ دفاعي. فالآلة العسكرية الصهيونية تدافع عن شرط وجودها والكامن في عدوانيتها فمثلاً زعمت أنها احتلت الجولان لإبعاد المدفعية السورية عن مستوطنات سهل الحولة ومنذ عدوان 1967 تقوم السلطات الصهيونية بزرع هضبة الجولان بالمستوطنان في أماكن لا تبعد سوى بضعة مئات من الأمتار عن خطوط النار والنتجية في المنطق الصهيوني واضحة فلكي يتم الدفاع عن هذه المستوطنات لابد مرة أخرى من إبعاد المدفعية السورية عنها لكي تتم حماية الأطفال والنساء فيها وعلى هذا النسق لا يمكن وقف هذه العملية إلا عند أقصى حدود الوطن العربي إذا تمكن الغزاة الصهاينة من تحقيق ذلك. هذا وإن عنصر الاستفزاز الدائم هو عنصر ضروري لتقديم حجج مقنعة لممارسة الصهيونية عدوانيتها، وبسبب الظروف المتعلقة بالوضع النفسي وندرة المادة البشرية في الكيان الصهيوني فإن العسكريين الصهاينة يشترطون قبل دخولهم الحرب أن تكون سريعة خاطفة حاسمة وشبه مجانية من حيث الخسائر البشرية وعند توفر ذلك يخوضون الحرب وألا يعملون على تجنبها لأن الوضع النفسي والبشري للكيان الصهيوني لايسمح له بتحمل حرب طويلة أو عالية التكاليف بشرياً حتى ولو كانت النتيجة احتلال المزيد من الأرض وتدمير قوى الطرف الآخر فآلية عمل الكيان الصهيوني ودوره في المنطقة والظروف التي يمكن أن تنزع صاعق هذه الآلة العدوانية المدمرة نسمعه في التصريحات فقبل حرب تشرين 72 عندما زارت (غولدامئير رئيسة الوزراء) أمريكا للحصول على سلاح كتب زئيف شيف مراسل هاآرتص العسكري: (ليس المهم هو عدد الطائرات فانتوم - سكايهوك التي حصلت عليه مئير في واشنطن بل المهم هو الموافقة الأمريكية على الاستمرار في تزويد اسرائيل بالأسلحة) فمبدأ التفوق المطلق للقوى العسكرية الصهيونية هو المبدأ السائد والذي يحقق الطبيعة العدوانية للجيش الإسرائيلي ووظيفته في المنطقة وإن مجرد تأمين هذا التفوق يعني ليس فقط ردع القوى العربية عن مهاجمة اسرائيل بل ردع هذه القوى عن اتخاذ سياسات لا تعجب الولايات المتحدة. لقد كان قادة الصهيونية وقادة الولايات المتحدة واثقين أنه وبدون أسلحة جديدة فإن اسرائيل تملك تفوقاً حاسماً وان الاسلحة الجديدة ليست ضرورية لزيادة القدرة الهجومية أو الدفاعية وان دورها يقتصر فقط على زيادة قوة عنصر الردع ومع ذلك فلا التفوق القديم ولا الجديد ردع القوى العربية عن شن حرب تشرين والتي كان مجرد البدء بإطلاق الرصاص كافياً لتخريب وتجاوز نظرية الردع الامبريالية الاسرائيلية الصهيونية وتجاوزت فيها القوات العربية الخطوط الدفاعية المعادية واحتلال القسم الأعظم من هضبة الجولان وعبور القناة وتحطيم خط بارليف وكان ديان على وشك اعلان الاستسلام فالقوات الصهيونية لم تتمكن من الاستمرار في القتال لولا تدفق الجسر الجوي الأمريكي حيث كشفت القناع قليلاً لتدخل طرفاً مباشراً في الحرب التي كادت تتورط فيها لولا وقف اطلاق النار الذي شكل ستاراً لأمريكا ومانعاً من خوض الحرب لأجل أنقاذ الكيان الصهيوني من الهزيمة. يقول جر شوم شوكن محرر هاآرتص (ان الولايات المتحدة تدّعي بأن اسرائيل لم تقم بواجبها كما كان متوقعاً لأن الجيش الاسرائيلي لم يحرز النصر الذي كان يتحدث عنه قادته وأنه لولا الدعم الأمريكي لما استطاعت اسرائيل الصمود ويجب الاعتراف بأن هذا الإدّعاء يسمع أيضاً بيننا دون أن يثير معارضة حقيقية فليس الأمريكيون وحدهم الذين خابت آمالهم بجيش الدفاع الاسرائيلي. وإنما اسرائيل أيضاً والجيش كذلك خابت آمالهم فوزير الدفاع تكلم بصراحة، مذهلة، عن تعلقنا المطلقة بالدعم العسكري المستعجل جداً) إذن كان المتوقع أن يدمر الجيش الإسرائيلي القوات المسلحة العربية تدميراً كاملاً كذلك المراكز السكانية والمرافق الاقتصادية.

فالكيان الصهيوني يقوم على حالة اللاحرب واللاسلم مع حرب خاطفة حالة تعارض مصالح الصهيونية مع أمريكا، فإسرائيل ككلب حراسة للمصالح الأمريكية وأداة لتنفيذ المخططات الامبريالية في المنطقة لإخماد حركات التحرر الوطني. وفي حالة اللاحرب واللاسلم قامت اسرائيل مابين 1949 - 1967 بمئات الاعتداءات على الحدود  العربية وشنت حربين هما العدوان الثلاثي على مصر 1956 وعدوان 1967 على مصر وسوريا والأردن ومع كل حرب نزاعات جديدة وبالتالي اطالة اللاحرب واللاسلم التي تحمل في كوامنها حرباً جديدة. يقول البروفسور ليبوفتش الأستاذ في الجامعة العبرية (إن وضعاً من اللاسلم واللاحرب مع حرب كامنة هو أحسن وضع بالنسبة لنا وينبغي المحافظة عليه بكل الطرق.. ويتابع إننا لم نسع للسلام طوال خمسة وعشرين عاما وكل التصريحات بشأن ذلك ليست سوى تصريحات ملونة وكذباً مقصوداً، بل لقد خرّبنا عن عمد واصرار كل مناسبة كان من الممكن أن تنطوي على إمكانية السلام)  وهذا الوضع حقق لها الكثير في  سبيل تدعيم آلتها العسكرية وتهجير آلاف اليهود من البلاد العربية بالتواطؤ مع بعض الحكومات العميلة في مطلع الخمسينات كذلك وفرت الأسس لتنمية النزعة العسكرية العدوانية لإحكام السيطرة على السكان المستجلبين لتعيينهم لأغراض الإمبريالية والصهيونية، كما وكثفت الامبريالية الأميركية مساعداتها العسكرية والاقتصادية لاسرائيل للحفاظ على التفوق المطلق وعملت على تخدير حركات التحرر (كما نلاحظ الآن برسالة كلينتون لعرفات لأجل عدم اعلان الدولة الفلسطينية) كذلك التلويح بمشاريع حلول تبدو غير بعيدة عن المطلب المرحلي للعرب مثل الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967 كمشروع روجرز 5/6/1970 الذي علله كيسنجر (بخشية أمريكا من تغير موازين القوى  في الشرق الأوسط) بقوله هناك 5/2 مليون اسرائيلي محاطين بـ 80 مليون عربي تتفاوت درجة عدائهم لاسرائيل وقد تمكنت اسرائيل حتى الآن من البقاء بواسطة النوعية المتفوقة لقواتها العسكرية المتدربة بيد أن ذلك مصدر قوة خادع حيث أن الاسرائيليين أصبحوا متخلفين في المعدات..) وخلص كيسنجر الى القول: (إذا ما افلت زمام الأمور مرة أخرى فالمضاعفات ستكون أكثر خطورة) وأضاف: (بأن الولايات المتحدة شعرت لهذا السبب بأن عليها أن تحاول إيجاد ظروف أكثر استقرارا في الشرق الأوسط.. اننا نحاول إيجاد تسوية بشكل يؤدي إلى تقوية الأنظمة المعتدلة وليس الراديكالية)..

في عام 1951 / أيلول كتب شوكن في صحيفة هاآرتص (لقد أعطيت اسرائيل دوراً لايختلف عن دور كلب الحراسة ولا داعي هناك للخشية من أن تمارس اسرائيل سياسة عدوانية تجاه الدول العربية إذا كانت هذه السياسة متعارضة مع مصالح الولايات المتحدة وبريطانيا ولكن إذا شاء الغرب لسبب أو لآخر أن يغمض عينيه فبالإمكان الاعتماد على اسرائيل لتنزل عقابا قاسياً لتلك الدول التي تتجاوز في قلة أدبها تجاه الغرب الحدود المناسبة).

إذن وكما قال بن غوريون منذ عام 1926 (ان اتفاقاً مع العرب ضروري لنا ولكن ليس من أجل خلق السلام في المنطقة. إن السلام حيوي حقاً لنا لأنه ليس من الممكن بناء البلاد في وضع من الحرب الدائمة ولكن السلام وسيلة. إن الهدف هو التحقيق الكامل والمطلق للصهيونية ولهذا فقط نحتاج إلى اتفاقية).

ولقد بنت الصهيونية استراتيجيتها على فرضية تقول بوجود نمط من الحرب الدورية بين العرب واسرائيل يتكرر كل عشر سنوات وان وجود المنطقة العربية في حالة من التخلف والضعف الاقتصادي والإجتماعي والعسكري كان يتيح في الماضي للحركة الصهيونية فترة طويلة من الهدوء النسبي تستغلها الصهيونية لإعادة ترتيب أوضاعها وإعادة الكرّة مرة أخرى لتخريب ماتكون قد أنجزته المنطقة العربية وارجاع عجلة البناء العربي إلى الوراء بينما تكسب الصهيونية أراض وأموالا جديدة وكذلك مهاجرين جدداً دفعت تكاليف تهجيرهم الولايات المتحدة.. وبما أن الكيان الصهيوني كائناً طفيلياً يتعيش على المساعدات الغربية الامبريالية ويستثمر ظروف تناقضات عربية داخلية وعربية عالمية لايمكن أن يكون كياناً تشكل الحرب صناعته الوطنية فبالنسبة للقيادة الصهيونية ليست الحرب كارثة بل مبرر وجود ولذا يقول رابين (ان التهديد الخارجي قد عزز التماسك الداخلي ولولا الشعور بذلك لفشلت عملية الدمج لفئات الشعب) ونحن نعرف أن فشل الدمج يعني فشل المشروع الصهيوني فإذا بغت الصهيونية شن عدوان على الأمة العربية أو  جزء منها تتقاطع مصالح أمريكا معها فإنها تركز الأضواء على التهديد الخارجي لها وبنفس الوقت تقوم بالتغطية لمفهوم (حتمية الصدام) مع إبراز المقدرة على مواجهة التهديد وحسم المعركة لصالحها كي يطمئن مرتزقتها وإن قرارات الحرب المسماة اسرائيلية ليست في الواقع سوى حرب يخوضها الجيش الإسرائيلي بالنيابة عن الولايات المتحدة وريثة مصالح الامبراطورية البريطانيةوعلى العرب من لم يدرك منهم إدراك أن شن حرب جديدة يعني إخلاء الضفة الغربية وغزة من سكانها ونقل الحرب إلى العواصم والمراكز السكانية لتكوين مناخ خضوع وسيطرة ممكنة على مصادر النفط فالهدف الإسرائيلي من الحرب القادمة هدف امبريالي أمريكي لأجل النفط وهدف إسرائيلي لإخلاء الضفة والقطاع ولتكسب الصهيونية سنوات من الهدوء ضرورية لها، وان الدول الامبريالية خاصة الشيطان الأكبر فإنها تجد أن الحل الوحيد لأزماتها هو في ارجاع المنطقة العربية إلى فراغ ليتم نهب ثرواتها النفطية وعائداتها المالية دون مقاومة وهذا يتطلب نصراً عسكرياً كحزيران 1967.

وإذا عدنا إلى مشروع روجرز فإننا نلاحظ أنه بعد ضرب المقاومة في الأردن ووفاة عبد الناصر وحدوث تغييرات في النظام المصري وتوقف حرب الإستنزاف جمّد الأمريكيون مشروع روجرز وكثفوا مساعداتهم العسكرية لإسرائيل بيد أن حرب تشرين قوّضت معظم مكونات وركائز حالة اللاحرب واللاسلم خاصة نظرية الأمن الإسرائيلية فأكدت أنها لايمكنها أن تصمد أمام جبهة عربية متماسكة أساسها التضامن العربي.

وفي تشرين امتلك العرب زمام المبادرة وأثبتت أن حروب العدو الصهيوني مع العرب لم تعد نزهات قصيرة قليلة التكاليف مضمونة النجاح بل أصبحت خطراً حقيقياً يحسب حسابه، وتحول التهديد العربي إلى عامل رئيس من عوامل تأزيم الأوضاع الداخلية في الكيان الصهيوني واقترن ذلك التحول في موازين القوى لصالح حركة التحرر الوطني العربية بتطور تاريخي بارز على الصعيد العالمي لصالح القوى المعادية للامبريالية وحاولت الامبريالية الأمريكية واسرائيل الالتفاف على ايجابيات حرب تشرين والعمل على ضرب مكونات القوى العربية المتمثلة في وحدة جبهة المواجهة والتضامن العربي والتحالف بين الأقطار العربية والمنظومة الاشتراكية قصد إعادة موازين القوى لمصلحة اسرائيل واستمرار حالة اللاحرب واللاسلم من خلال الحلول الجزئية وخاصة ردع مصر عن القيام بمغامرة مماثلة لمغامرة 1972 لأن حرب تشرين كانت الخروج على القاعدة ولكونه خروج على القاعدة فقد توجب وضع الضوابط للمنطقة من قبل أمريكا لأن كل الطرق يجب أن تؤدي إلى الطاحونة الامبريالية الأمريكية الاسرائيلية الصهيونية. إذن فردع مصر أولا ثم إفهام العالم بشروط السلام ووضع خطوط واستراتيجيات للتسويات الجزئية والتي على أمريكا فرضها، ويجب إيجاد الصيغ التي تظهر للعالم أن إسرائيل هي التي تسعى للسلام وبنفس الوقت عدم توريط اسرائيل بقبول حالة لا يمكنها فيها الحفاظ على ترسانتها العسكرية وكذلك التعبئة النفسية بأن لا مفر من الحرب أي على أمريكا واسرائيل إقناع العالم بأن مسؤولية فشل أية تسوية أو سلام يقع على عاتق الدول العربية والفلسطينيين المتزمتين.

لكن زيارة الخيانة التي قام بها السادات وبعدها كامب ديفيد ثم بلير هادس وتقليعة الحكم الذاتي فقد عملت على خلق ترتيبات وعوائق في وجه التوجهات الوطنية وساعدت الامبريالية الأمريكية الصهيونية على اجتياز ضائقة كانت خانقة لخطط أمريكا واسرائيل التي وضعتها لضرب التضامن العربي فنجحت بتشتيت القوى العربية وبـإقامة أحلاف ظاهرها مقاومة الشيوعية واعطاء العرب بعض الحقوق ليبقى الاعتدال والمعتدلون سادة الموقف ومن تلك الأحلاف طهران الشاه والسعودية ومصر والمغرب واسرائيل بحيث أنها أعطت الدور العسكري الأساس لإسرائيل في حفظ هذا التحالف. لكن سقوط إيران الشاه وانتصار إيران الخميني العظيم(قدس) ووقوف معظم الدول العربية في قمة بغداد التاسعة موقف المتحفظ من السياسة الخيانية للسادات جعلت أمريكاترى بمصر والمغرب واسرائيل المعول الرئيسي لها ولجانبها في أعقاب ثورة إيران حيث قام هاروند براون وزير الدفاع الأمريكي بزيارة للشرق الأوسط لإقامة تحالفات بين أمريكا ومصر والسعودية والأردن.

وتبقى اسرائيل العجلة التي لايمكن لعربة أمريكا السير بدونها فدور اسرائيل هو عدم إفساد ذلك التحالف مقابل الثمن الذي هو السلام مع مصر لقاء أن تصبح مصر حليفة أساسية لأمريكا وبالنتيجة فكل ذلك لصالح اسرائيل ذات المصلحة المشتركة مع أمريكا ويظهر ذلك بوضوح جلي في مقال لأرينيل غيناي المحرر السياسي لصحيفة يدعوت أحرنوت فيقول: (ان الولايات المتحدة تحاول الأن تقليص نتائج أحداث إيران ما أمكن وتسعى لإقامة حلف جديد لحماية المصالح الأمريكية من خلال التعاون مع مصر والسعودية والسودان وإمارات الخليج بتأييد صامت ولكن واضح من جانب اسرائيل) ويعتقد غيناي بأن مصر ستستفيد أكثر من اسرائيل بعد حوادث إيران لأنها ستقوم بمهمة المجابهة مع دول متطرفة في المنطقة حيث أن تدخل اسرائيل المباشر في النزاعات العربية سيستفز المشاعر العربية لذلك فالمريح لأمريكا هو التدخل من جانب المصريين بحيث تصبح مصر أداة فعالة مهمة لخدمة المصالح الأمريكية. فإسرائيل ستبقى حليفاً استراتيجياً للولايات المتحدة وسوف تستمر الولايات المتحدة في تسليحها وتقويتها تحضيرا للمواجهة في مكان آخر وأما الثمن الذي سيدفعه نظام السادات فهو التسليم بالسلام مع اسرائيل وإلا فالكونغرس سيعارض فكرة تقوية مصر.

فالتحالف الأمريكي الصهيوني الاسرائيلي أراد استغلال ضائقة نظام السادات بعد ثورة إيران لدفع نظام السادات لتنازلات متواصلة وتوقيع صلح منفرد مع اسرائيل والقيام بدور الشرطي في خدمة المصالح الأمريكية في ظل الهيمنة الاسرائيلية، ولقد أشارت الصحف الاسرائيلية إلى أن التغييرات التي طرأت في ايران ستعزز نتائج مؤتمر القمة العربي التاسع في بغداد وكذلك اللقاء السوري، العراقي لردع بعض الأنظمة العربية عن سلوك نهج السادات.

فإسرائيل ليس لها إلا الموقف الدعائي للسلام مهما كان حجم التنازلات لبعض الحكام الخونة هذا وان كلمة سلام لا تعني مطلقاً السلام فلاسلام بين حق وباطل، وقضية التحرير حق مطلق، وقضية الغزو الصهيوني هو باطل مطلق والصدام بينهما تناحري مصيري. السلام بالمفهوم الصهيوني الاسرائيلي هو سلام الأمر الواقع أي التسليم في كل مرحلة من مراحل الصراع بالواقع الجديد والمفروض، أي سلام مرحلي تفرضها اعتبارات الكيان الصهيوني للتحضير لمرحلة أخرى وضربة ثانية فهو وسيلة انتقال وليس هدفاً لها..

ولقد حدد بن غوريون مفهوم الصهيونية للسلام: (ان اتفاقاً مع العرب هو أمر ضروري لنا ولكن ليس من أجل خلق السلام إذ ليس من الممكن بناء البلاد في وضع من الحرب الدائمه ولكن السلام هو وسيلة لنا والهدف هو التحقيق الكامل المطلق للصهيونية ومن أجل هذا فقط نحتاج إلى الإتفاق). إذن لكل مرحلة يريد الإسرائيليون خارطة جديدة وحدودا جديدة وعلاقات جديدة وطبيعة سلام جديدة. وبالعودة إلى مرحلة 1948 - 1967 كانت مواصفات السلام الإسرائيلية اعتراف العرب بإسرائيل بخطوط هدنة 1949 وبعد حزيران 1967 حددها ليفي أشكول 1968 فقال: (نحن نسعى إلى سلام يؤمن لنا حدود الأمن في الشرق وحرية الملاحة في الغرب وسيطرة على منابع المياه التي تصل إلينا من الشمال). أما السلام النهائي بالمفهوم الإسرائيلي، فلن يحل إلا بالتحقيق المطلق للصهيونية بفرض الاستسلام على المنطقة العربية وهذا مايسميه إيفال آلون  في كتابه (الستار الرملي) بالسلام اليهودي أي السيطرة الإسرائيلية على المنطقة. وشأن إيفال آلون شأن كافة القادة الصهاينة يدرك أن السلام غير وارد في قاموس اسرائيل والامبريالية الأمريكية.

أما دايان فيعلن بصراحة (على اسرائيل أن تستمر في بناء قوتها العسكرية وفرض نفوذها في الشرق الأوسط وأن تستمر في السيطرة على المناطق المحتلة وخلق حقائق جديدة فليس ثمة مايبرر الاندفاع نحو السلام بأي ثمن).

وهناك مفهوم يتبناه الإسرائيليون الصهاينة يقول إن ردع العرب من شأنه أن يؤدي بهم إلى التسليم بالأمر الواقع والتسليم يؤدي إلى السلام بالمفهوم الاسرائيلي، ويقول البروفسور يوسف روم (الليكود): (إن سياسة اسرائيل الأمنية يجب أن ترتكز على سياسة ردع قوية موثوقة لا تقوم فقط على مقدرة الحسم بمعركة عسكرية بل على اقناع العدو بأن نتائج المعركة ستكون مليئة بالكوارث بالنسبة إليه.. وان من الضروري العمل في الظروف الدولية الحالية على إدماج الاستعداد السياسي للسلام مع التعاظم العسكري كجزء من حملة الردع الشاملة ويجب أن ترتكز هذه السياسة على أن السلام سيأتي فقط عندما يعرف العدو بأنه إذا ماتجرأ على اتخاذ اجراءات عسكرية فسيجد اسرائيل مستعدة له بكل عظمتها الرادعة).

هذه هي اسرائيل وهذا هو صوتها والمعبر عنها بلسان تسفي شيلواح (أحد قادة حركة من أجل أرض اسرائيل الكاملة) والذي دعا إلى فتح بغداد والكويت لإفساح المجال أمام غالبية اليهود كي يستقروا في وطنهم الممتد بين البحر المتوسط وبلاد فارس فقال: (إن الهلال الخصيب والصحراء الكبيرة وسطه هي المجال الذي يجب أن تكون فيه أرض اسرائيل موحدة) وزعم أن السلام الحقيقي يتطلب إقامة تحالف في المنطقة تقف على رأسه إسرائيل وقال إن السلام يجب أن يوقع في بغداد لكي يوضع حد للشعار القائل بوجود أمة عربية واحدة تمتد من جبل طارق إلى الخليج الفارسي.

إن حرب  تشرين زلزلت الحلم الصهيوني وحطمت خرافة الجيش الذي لا يقهر فالأحزاب الصهيونية تتمزق وتعيش فيها الفضائح المالية والسرقات وتتراكم المادة البشرية في المدن الرئيسية لتترك مواقع العمل للعرب ويزداد الاستهلاك مقابل ضعف الانتاجية مما يزيد من تكاليف إعالة هذه المادة البشرية على متعهدي إعالتها ويزداد ميل النزوح مع نزع في العقيدة وتفاقم التناقضات الإجتماعية والنزوع للإنغلاق الطائفي وازدياد معدل الجريمة والعنف، فالمجتمع الإسرائيلي مجتمع مريض نفسياً ولايمكن أن يشفى إلا بكسب نصر على غرار حزيران 1967 وإن الإنهيار النهائي للمشروع الصهيوني مرهون بإبطال الفعالية العسكرية للكيان الصهيوني وإن كافة القيادات الوطنية والخلافة في الوطن العربي مدعوة لبذل أقصى الجهد لتعبئة كل شيء في ظل قيادة واحدة لأجل إلحاق الهزيمة الكاملة الساحقة بالمشروع الصهيوني وآلته العسكرية. إذن يجب تصفية المشروع الصهيوني العدواني بتحويل الردع الصهيوني المطلق إلى ردع نسبي أولاً ثم سحقه لأن الكيان الصهيوني لا يمكنه العيش أو البقاء في ظل تفوق وردع نسبي في المنطقة العربية فالمقاومة وجبهة الصمود والحركات الوطنية وأطفال الحجارة هم الأمل الحقيقي والطريق الوحيد للخلاص.

12- الموقف العالمي لانقرأه ولا يمكن قراءته إلا على أضرحة الشهداء وفي الحروف المرصعة بدم المقاومة وحجارة أطفال الحجارة.. الموقف العالمي نراه اليوم في كوسوفا كما في البوسنة إفراغ وصمت وتصفيق واستهجان ومصافحة بيد للطعن بالاخرى ومناورة يعقبها قنابل انفراغية.. الموقف العالمي من فلسطين وغيرها من بلاد الإسلام واضح جلي له ميكالين ووزنتين عين ترى وأخرى عمياء وظل وشمس على نقطة واحدة.

13- ليس أمام ذلك الوحش المستكلب إلا المنفذ الواحد ألا وهو الوحدة الاسلامية والوحدة العربية وحدة الصف والهدف والمصير.. لطريق الخلاص الطريق الذي يعبده الشهداء ويسقونه دماءهم وطالما أن هناك كيان صهيوني زرعته الامبريالية للقيام بمهمة قاطع الطريق وعملت كل القوى الامبريالية وخاصة الأمريكية (والتي تقف وراء المشروع الصهيوني معتبرة إياه الرصيد الاستراتيجي والضمانة الأساسية لمصالحها في الشرق الأوسط) فقد عملت ومنذ 1948 على مد الكيان الصهيوني بكل أسباب الحياة والقوة لأجل الاستمرار وحولته إلى معسكر مدّته بأحدث أسلحة الفتك والدمار مبلورة سياسة سمتها (التوازن الإقليمي) بين الكيان الصهيوني والدول العربية مجتمعة. وهي السياسة التي تقضي بالحفاظ على اسرائيل قوية ومتفوقة بشكل مطلق عسكرياً على الدول العربية مجتمعة بحيث تكون القوة المركزية القادرة على فرض هيمنتها وإرادتها في المنطقة وكذلك على امتلاك زمام المبادرة في تحديد زمان ومكان الحرب التي تشنها ضد الدول العربية ولأجل ذلك تتدفق المساعدات العسكرية والإقتصادية الأمريكية الأسطورية لتتمكن من القيام بالدور المسند لها في خدمة مخططات الامبريالية وفق شعار (اعطونا الأدوات ونحن نقوم بالمهمة) وفي نطاق ما أسمته التوازن الإقليمي عملت الامبريالية الأمريكية وتعمل على إبقاء موازين القوى في المنطقة لصالح الكيان الصهيوني من خلال محاولات تبديد وكبح إمكانات التفوق العربي بإثارة الصراعات العربية الجانبية بتدبير المؤامرات والدسائس ضد الأنظمة الوطنية وباثارة الفتن الداخلية لنسف امكانيات إقامة تضامن عربي على أساس العداء للصهيونية والامبريالية والنضال ضد النظام الأمريكي الاسرائيلي ومخططاته العدوانية وخاصة إخراج مصر من حلبة الصراع العربي الاسرائيلي وتعميم سياسة كامب ديفيد. ونعود لنؤكد أن حالة اللاحرب واللاسلم هي الحالة النموذجية التي تمكن الكيان الصهيوني وفي أي وقت للعدوان على الدول العربية لتنفيذ مرحلة جديدة من المخطط الأمريكي الصهيوني يعقبها هدوء نسبي يستغل لتكريس واقع جديد لكل مرحلة وتؤكد أن السلام الصهيوني الأمريكي محض دعاية مهما كان حجم وشكل التنازلات المقدمة من الحكام العرب وذلك لفرض التسليم بالواقع المفروض بحكم موازين القوى المختلفة لصالح الصهاينة وبحكم قوة الردع واما السلام النهائي والشامل فلن يحل مطلقاً حسب رأي المنظرين والمخططين الاستراتيجيين والمسؤولين الصهاينة إلا بالتحقيق الكامل والمطلق للصهيونية أي بفرض الاستسلام نهائياً على البلدان العربية واخضاعها كلياً للمشيئة الأمريكية الصهيونية والخيار الوحيد لحل الصراع هو الحل الثوري لمصلحة الجماهير العربية ومستقبلها بمواصلة النضال وتصعيده حتى يتم اسقاط كافة مخططات التحالف الصهيوني الأمريكي وإلحاق الهزيمة بالمعتدين وأسيادهم.

14- اطلق هرتزل صرخته في كتابه الدولة اليهودية وحدد وظيفة الكيان الصهيوني وقال (نبني من أجل أوروبا مخفراً أماميا في فلسطين للوقوف ضد آسيا وسيكون هذا المخفر طليعة العالم المتمدن ضد البربرية).. هو يعمل الجدار الفاصل بين عرب شمال افريقيا وآسيا.. جدار برلين آخر.. لكن جدار برلين تهدم وتحطم وزال وهكذا ستزول الدويلة المسخ سينسفها الإيمان المنطلق الراسخ.. الله أكبر.. أطلقها الخميني العظيم (قدس) وأولى صرخاته 1962 ضد الشاه وحذر المسلمين من خطر إسرائيل..  وكانت السموات السبع تردد صرخاته يجب محو اسرائيل من صفحات التاريخ.

وجلجلت خطبته  (قدس) في 24/5/1980: (لقد حذرت المسلمين منذ سنوات طويلة في الخطب والبيانات من خطر اسرائيل وجرائم هذه الغدة السرطانية).

وفي خطبة له رضوان الله عليه في قم في المدرسة الفيضية 2/6/1964 قال: اسرائيل لا تريد أن يظل قرآن في هذا البلد، اسرائيل لا تريد وجود علماء للإسلام في هذا البلد، لا تريد وجود احكام إسلامية في هذا البلد. وقال (قدس) في 10/4/1964: أعلن لجميع الدول الإسلامية والمسلمين أينما كانوا أن الشيعة يبغضون اسرائيل وأذنابها ويستاءون من كل الدول التي تساوم مع اسرائيل) وفي ذكرى فاجعة 15 خرداد بتاريخ 5 حزيران 1962 قال سلام الله عليه: إنني أعتبر تأييد استقلال اسرائيل والاعتراف بها فاجعة كبرى للمسلمين وانتحارا للحكومات الاسلامية والتصدي لها واجباً إسلامياً).

وفي رسالته 1987 إلى الحجاج قال: المسؤولون المحترمون في إيران وشعب إيران وباقي الشعوب الاسلامية لن يكفوا عن الجهاد ضد هذه الشجرة الخبيثة حتى اجتثاثها وبعون الله يجب استغلال كل طاقات أنصار الاسلام واتباعه والدول الاسلامية وامكانياتهم لتشكيل نوى قوات حزب الله في أنحاء العالم لتقوم بتحرير الأراضي الاسلامية المغتصبة من مخالب الصهيونية). وجذور كل ذلك من القرآن الكريم (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا).

فهل هناك أنصع أو أروع أو أجلى من الموقف الذي اتخذه مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله روح الله الخميني العظيم (قدس) عندما نزع سرطان الفساد من قلب طهران وبالكي بالنار طمس معالمه وجذوره كي لا يفرع تارة أخرى ثم زرع مكانه راية فلسطين وأعلن يوم القدس والنضال والجهاد لأجل استعادة التراب المقدس وتطهيره من دنس الشذاذ فكانت كلمة الله أكبر.. ولقد شكلت انتفاضة الشعب الفلسطيني منذ اندلاع شرارتها 1987 أملا في تصحيح مسار بوصلة النضال ضد الكيان الصهيوني المغتصب (الذي هو غدة سرطانية زرعها الاستعمار في قلب العالم العربي والاسلامي بغية تفتيته واخضاعه لسياساته ونهب خيراته والسيطرة لى موارده الاقتصادية الهائلة واستثمار طاقاته النفطية وأرصدته الضخمة لحل أزماته المتفاقمة وإبقاء الأمة الاسلامية في حالة خضوع وتخلف ولكن.. (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلاّ أن يتم نوره ولو كره الكافرون) ([35]).

فبعد سلسلة من التنازلات وإزاء التراجع المخيف أمام تحديات التحالف الاستعماري الصهيوني وضغوطه المتنوعة قيّض الله للامة الاسلامية سنداً قوياً وداعماً تمثل ببزوغ فجر انتصار الثورة الاسلامية في إيران وسطوع شمسها بقيادة الإمام الخميني العظيم (رضوان الله عليه) الذي دعا باستمرار إلى دعم كفاح الشعب الفلسطيني المظلوم واحتضان انتفاضته وواصل المسيرة ولي أمر المسلمين آية الله الخامنئي وقد غدت القضية الفلسطينية هاجساً وقضية محورية في سياسة المسؤولين في الجمهورية الاسلامية وخير شاهد على مدى اهتمام الجمهورية الاسلامية في رص صفوف المجاهدين وتوحيد كلمتهم لانتزاع حقوق الشعب الفلسطيني المغتصبة وتحرير أرضه وتخليص المقدسات الاسلامية في فلسطين الحبيبة من براثن الصهيونية هو المؤتمر الدولي لدعم الثورة الاسلامية للشعب الفلسطيني في طهران 19 آب 1991 فشكّل المؤتمر صفعة مؤلمة لسياسة التخاذل والاستسلام وموقفاً عملياً داعماً ومحفزاً لنضال المجاهدين لمتابعة الكفاح ضد الصهيونية الغاصبة وحلفائها.. والنصر من عند الله سبحانه وتعالى.

  

دمشق م. كوثر شاهين

  

  

بعض المراجع

  

- اليهودية - دكتور أحمد شلبي - القاهرة 1974.

- يوميات هرتزل - أنيس صايغ - مركز الأبحاث الفلسطينية.

- استراتيجية الاستيطان الصهيوني في فلسطين المحتلة - مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية.

- الصهيونية والعنصرية بين الفكر والممارسة - مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية.

- مذكرات موشي ديان.

- المظاهر العسكرية للصراع العربي - الاسرائيلي - ترجمة جبرائيل بيطار دمشق 1978.

- العقيدة السياسية والعسكرية الاسرائيلية - مركز الشؤون العالمية..

- التوازن العسكري - المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية - لندن - ترجمة مركز الدراسات دمشق 1985.

- كامب ديفيد سياسة مصيرها الفشل - زخاروف - ترجمة ماجد علاء الدين - دار الكاتب العربي       دمشق 1984.

- الصهيونية سلام الأمبريالية المسموم ترجمة المكتب الثقافي للقيادة القومية.

- أمن اسرائيل في الثمانينات - مؤسسة الدراسات الفلسطينية بيروت.

- الصهيونية الحقيقية والاختلافات - ترجمة الياس شاهين - موسكو 1980.

- مسيرة السادات الاستسلامية - مؤسسة الأرض للدراسات.

- الانحياز، علاقة أمريكا السرية مع اسرائيل ترجمة سهيل زكار دمشق.

- الولايات المتحدة الأمريكية وسياستها الشرق أوسطية - رستلاف بوريسوف - اصدار القيادة           القومية.

- الأرض في الفكر الاجتماعي الصهيوني - كمال الخالدي.

- اسرائيل بنت بريطانيا البكر - محمد علي الزعبي - بيروت.

- اليهودية - د. أحمد شلبي - القاهرة 1974.

- الصهيونية في الستينات - محمود نعناعة - قاهرة - 1964.

- اسرائيل الكبرى - د. أسعد رزق - مركز الأبحاث - بيروت 1972.

- مع الكلمة الصافية - قاسم الشواف - دمشق 1969.

- العرب واليهود في التاريخ د. أحمد سوسة دمشق 1975.

- أسرار المؤامرة الصهيونية - عبد الله التجار، بيروت.

- الصهيونية بين تاريخين - عبد الله النجار - بيروت 1972.

- احذروا الصهيونية. جوري ايفانوف - ترجمة د. أحمد داود دمشق 1969.

- مشكلة اليهودية العالمية - فؤاد محمد شبل 1970.

- رد على التوراة - ندرة اليازجي - دمشق 1974.

- الاستعمار الصهيوني في اسرائيل، د. فايز صايع بيروت 1965.

- فلسطين الحقيقة - جيفرز - ترجمة أحمد خليل الحاج - مصر.

- مذكرات وايزمن.

- تهويد فلسطين - اعداد ابراهيم أبو لقد - ترجمة د. أسعد رزق - بيروت 1972.

- السياسة الصهيونية بين 1897 -  1947 تأليف آلن تايلر - ترجمة بسام أبو غزالة.

- القضية الفلسطينية والخطر الصهيوني - مؤسسة الدراسات الفلسطينية - بيروت 1972.

- استراتيجية الاستيطان الصهيوني في فلسطين المحتلة موسسة الأرض دمشق 1978.

- النيل في خطر - كامل الزهيري - بيروت 1980.

- خنجر اسرائيل - تأليف ر. ك. كرانجيا. دار دمشق - 1967.

- اسرائيل والشرق الأوسط - علي محمد علي - القاهرة.

- اسرائيل خنجر أمريكا - مؤسسة الأرض - دمشق 1980.

- السلاح النووي والصراع العربي - الاسرائيلي د. سلمان رشيد سلمان - بيروت 1978.

- نحن والفاتيكان واسرائيل - انيس القاسم- مركز الأبحاث - بيروت.

 الهوامش:

([1]).آل عمران / 19 .

([2]).المائدة / 82 .

([3]).العرب واليهود في التاريخ د. أحمد سوسة ص 6 .

([4]).العرب واليهود في التاريخ د. أحمد سوسة ص 24 .

([5]).جورج بوست قاموس الكتاب المقدس.

([6]).ص 150 من كتاب تيودر هرتزل لألكس بين 1945.

([7]).المسألة اليهودية مقالات ديستوينسكي مجلة بيروت المساء. عدد 98 .

([8]).يوميات هرتزل ح 1 ص 105 .

([9]).يوميات هرتزل ص 342.

([10]).أسرار المؤامرة الصهيونية - عبد اللّه النجار ص 52 .

([11]).مجلة القرن الأمريكية شباط 1928.

([12]).أسرار المؤامرة الصهيونية ص 18 لعبد الله النجار.

([13]).اسرار المؤامرة الصهيونية ص 59 عبد الله النجار.

([14]).مذكرات وايزمن ص 158 .

([15]).مجلة تايم 7 شباط 1964 .

([16]).اسرائيل في الكتاب المقدس ترجمة حسين خشبه ص 65 .

([17]).مع الكلمة الصافية لقاسم الشواف ص 442 .

([18]).شؤون فلسطين عدد 8 نيسان 1972 .

([19]).قاسم الشواف (مع الكلمة الصافية) ص 442 .

([20]).قاسم الشواف (مع الكلمة الصافية) ص 442 .

([21]).عبد اللّه النجار - اسرار المؤامرة الصهيونية ص 69 .

([22]).بن غوريون - بعث اسرائيل ومصيرها ص 489 .

([23]).بن غوريون - اسرائيل والدباسبورا - كتاب الحارمة السنوي لاسرائيل 957 .

([24]).بن غوريون - اسرائيل والدباسبورا - كتاب الحكومة السنوي لاسرائيل 957 .

([25]).جريدة اللوموند 27/1/68 .

([26]).معالم تاريخ الانسانية - عبد  العزيز جاويد، القاهرة 1948 مجلد 2 ص 245 .

([27]).كتاب فلسطين الحقيقة - جفرز الانكليزي ترجمة أحمد الحاج ص 33 .

([28]).فلسطين الحقيقة، جفرز الانكليزي ترجمة احمد الحاج ص 33.

([29]).الكتاب السنوي لحكومة اسرائيل 1950.

([30]).الكتاب السنوي لحكومة اسرائيل 1950 .

([31]).اسرائيل في الكتاب المقدس ط 1972 ص 9 ترجمة حسين خشبة .

([32]).مجلة البناء عدد 9/1971 فيصل النفوري.

([33]).نيويورك تايمز 27/7/1967 .

([34]).العصور القديمة - هنري برستو ص 197 .

([35]).التوبة / 32 .

ارسال نظر